شبهة انتشار الإسلام بحد السيف شبهة لا تقف على ساق، فهي شبهة يكذبها الواقع والتاريخ والعقل والمنطق ، بل كذبها كثير من المنصفين من غير المسلمين .

جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية :

لا تقتلوا شيخًا، ولا امرأة، ولا صبيًا، ولا عابدًا في محرابه، ولا راهبًا في” صومعته، ولا شابًا ما دام لا يحمل السلاح، ولا تقطعوا شجرة ولا تعفروا -‏ تردموا – بئرًا ،‏ ولا تجهزوا على جريح، ولا تمثلوا بقتيل .‏”

تلك هي وصايا الرسول -‏ صلوات الله وسلامه عليه -‏ ووصايا الراشدين من بعده لقادة جيوشهم الذاهبين إلى مواقف البأساء والعنف، وتعريض الأرواح للخطر أمام عدو لا يرحم .‏

ومع هذا تقال لهم هذه التعليمات ذات الطابع الأخلاقي النبيل ..‏ فهل يقال بعدها أنه دين نشره صاحبه بالسيف ؟‏ !

السلام في الإسلام هو القاعدة والحرب ضرورة يفرضها الدفع الحضاري من الحق للباطل، ومن الخير للشر؛ حتى لا تفسد الأرض، وحتى يتم التمكين فيها لرسالات السماء (‏ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )‏ .‏ (‏ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز . الذين الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )‏ .‏

هي إذن حرب ذات هدف نبيل ومشروع ،‏ غايتها إزهاق الباطل والتمكين في الأرض لكلمات الله ،‏ وليست حربًا توسعية ولا استعمارية .‏

وحينما شرع الجهاد جاء الإذن به يحمل أسبابه، وجميعها أسباب دفاعية عن حقوق وغايات نبيلة .‏ (أذن للذين يقاتلون )‏ أى اعتدى عليهم فمن حقهم الرد -‏ (‏ بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ..‏ )‏

الإسلام فاتح بذاتيته لاتساقه مع الفطرة وبساطة تعاليمه ،‏ ولأن العدل مع الآخرين هو عماده وقوام تشريعاته ..‏ وبهذا يكون تفسير السرعة الكبيرة التي انتشر بها حتى بلغ آسيا الوسطى في عهد عثمان .

ولأنه فاتح بذاته كانت القدوة من تاجر أو عالم أو رحالة تكفى -‏ ولا تزال إلى اليوم تكفى -‏ كي تقنع الناس بصدق الإسلام وعدالته وصلاحيته منهاجًا للحياة فيدخلون فيه.‏

ومطالعة خريطة الإسلام فى شرق وجنوب شرق آسيا وفى شرق ووسط أفريقيا ثم اليوم فى استراليا وأمريكا والكثير من دول الغرب تكشف كيف دخل الإسلام هذه البلاد فاتحًا بذاتيته ومن غير قتال أو حرب .‏

فأمام ووراء تحرك الجيوش المسلمة فلسفة أساسها إزالة كل ما يحول بين الناس الجماهير وبين حرية الاختيار ،فالقاعدة أنه لا إكراه فى الدين .

وغاية الجهاد أن يخلى بين الناس وبين حرية الاختيار ولعل فتح مصر من أبرز هذه النماذج حيث انحاز شعبها للفاتحين الذين خلصوه من بطش الرومان وحموه وحموا عقيدته .‏

ولم يمض زمن حتى أصبحت العربية لغة الشعب فى مصر وذهب عمرو بن العاص إلى الإسكندرية، ليكون فى استقبال البابا بنيامين وليعيده إلى كرسيه بعد أن كان طريد الرومان -‏ إخوانه فى الدين .‏