قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وقال عز وجل: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، وقال سبحانه: (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لما قضى الله -عز وجل- الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي”.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن لله عز وجل مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الإنس والجن والهوامِّ والبهائم، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخَّر تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن ربكم -تبارك وتعالى- رحيم، من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، ومن همّ بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له سيئة واحدة أو يمحوها الله، ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك”.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً أذنب ذنبًا فقال: أي رب، أذنبتُ ذنبًا فاغفر لي، فقال -تبارك وتعالى-: “علم عبدي أنه له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي”، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر، فقال: أي ربِّ، عملت ذنبًا فاغفره لي، فقال عز وجل:”علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي”، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر، فقال: أي رب، عملت ذنبًا فاغفره لي، فقال: “علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قدم علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبي، وإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت صبيًا في السبي فأخذته، فألصقته ببطنها، فأرضعته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟” قلنا: لا والله، قال: “لله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها”.
وعن أبي ذر –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة”، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: “وإن زنى وإن سرق، وإن زنى وإن سرق” ثم قال في الرابعة: “على رغم أنف أبي ذر”.
ونظر الفضيل بن عياض إلى تسبيح الناس وبكائهم يوم عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل يسألونه دانقًا –أي : سدس درهم– أكان يردهم؟ فقيل: لا، فقال: والله، المغفرة عند الله –عز وجل- أهون من إجابة رجل لهم بدانق.
وعن إبراهيم بن أدهم قال: خلا لي الطواف في ليلة مظلمة شديدة المطر، فلم أزل أطوف إلى السحر، ثم رفعت يدي إلى السماء فقلت: اللهم إني أسألك أن تعصمني عن جميع ما تكره، فإذا قائل يقول في الهواء: أنت تسألني العصمة؛ وكل خلقي يسألني العصمة، فإذا عصمتك فعلى من أتفضل؟
فهذه الآيات والأحاديث والأقوال تبشرنا بكرم الله تعالى وسعة رحمته، ونسأله سبحانه أن لا يعاملنا بما نستحقه، بل يعاملنا بما هو أهله، إذ ليس لنا من أعمال نرجو بها العفو، ولكننا نرجو ذلك من رحمته وكرمه.. إنه هو الرحمن الرحيم.