أما عن زيارة القبور فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها ” قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر بالآخرة ” [رواه الترمذي وصححه ، والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت [رواه مسلم]. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة في هذين الحديثين حمله أكثر أهل العلم على الندب، وحمله ابن حزم على الوجوب ، فالحاصل أن أقل درجاته الندب .

أما زيارة النساء للقبور فقد اختلف فيها أهل العلم إلى ثلاثة أقوال: فمنهم من منع ومنهم من أطلق الإباحة ومنهم من جوَّز بشروطٍ جمعاً بين الأدلة وهذا الأخير هو أقرب الأقوال للصواب فقد روى الترمذي في صحيحه عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكر الآخرة”. وأصل الحديث في مسلم والمرأة تحتاج إلى التذكير كالرجل تماماً وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: “النساء شقائق الرجال”، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله زوارات القبور” رواه أحمد والترمذي وابن ماجه فإن اللعن لمن تكثر الزيارة كما هو واضح من الصيغة، فخلاصة القول أنه يجوز للمرأة أن تزور القبور إن أمنت الجزع وخرجت غير سافرة أو متعطرة وألا تكثر الزيارة وألا تتحرى أياماً محددة تعتقد أن لها فضلا في الزيارة .