روى مسلم عن عوف بن مالك قال : كنا نرقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : ” اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى، ما لم يكن فيه شرك “.
(مسلم، كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، حديث 2200).

-وروي عن جابر : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا : يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب ! قال : فعرضوا عليه، فقال: ” ما أرى بأسًا، من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه ”
(مسلم، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، حديث 2199).

قال الحافظ : وقد تمسك قوم بهذا العموم، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها، ولم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف : أنه مهما كان من الرقى يؤدى إلى الشرك يمنع، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك، فيمنع احتياطًا والشرط الآخر لا بد منه). (فتح الباري 10 /195، 196).

وقد ثبتت شرعية الرقية بالسنة القولية والفعلية والتقريرية.
فقد رقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه بنفسه، ورقاه جبريل عليهما السلام.
وأمر بعض أصحابه بالرقية، وكذلك نصح بعض أهله وذويه.
وأقر من رقى من الصحابة على فعله.

عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بإصبعه هكذا ووضع سفيان – راوي الحديث – سبابته بالأرض، ثم رفعها : ” بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا ” (متفق عليه، كما في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، حديث 1417).

ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء فيمسح به على الموضع العليل أو الجريح، ويقول هذا الكلام في حال المسح.

-وعنها قالت : كان إذا اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقاه جبريل. (مسلم، باب الطب والمرض والرقى، حديث 2185).

-وعن أبى سعيد : أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال : يا محمد، اشتكيت ؟ فقال : ” نعم “، قال : ” بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ” (مسلم، حديث 2186).

-وعن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه، كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها (متفق عليه، حديث 1415) . والنفث : نفخ لطيف بلا ريق.

-وعنها : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرها أن تسترقي من العين. (متفق عليه، حديث 1418).

-وعن جابر : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأسماء بنت عميس : ” ما لي أرى أجسام بنى أخي ضارعة – أي نحيفة – تصيبهم الحاجة ؟ ” قالت : لا، ولكن العين تسرع إليهم قال : ” ارقيهم ” قالت : فعرضت عليه، فقال “ارقيهم ” (مسلم، حديث 2198) .يعنى أولاد ابن عمه جعفر.

وقال للصحابة الذين رقى واحد منهم سيد الحي – في سفر لهم – بفاتحة الكتاب، فأعطاه قطيعًا من الغنم، فأبى أن يقبلها، حتى يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتى النبي فذكر ذلك له . وقال : والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فقال -صلى الله عليه وسلم- : ” خذوا منه واضربوا لي بسهم معكم “. (متفق عليه، حديث 1420).