قال تعالى : ” لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ”  [يونس/26] ، وقد فسَّر العلماء الحسنى بأنها الجنة ، والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى.

ذكر الإمام الطبري في تفسيره :
إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، نودوا: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدا ! قالوا: ما هو؟ ألم تبيض وجوهنا، وتثقل موازيننا، وتدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فيتجلى لهم؛ فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه”.

وقال ابن كثير في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور:

إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبيض وجوهنا؟ ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ – قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فواللّه ما أعطاهم اللّه شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم”

فالذي عليه أهل السنة أن أهل الإيمان سوف يرون الله تعالي في الجنة فهذا من تمام نعمته.

وقد دلَّ الكتاب والسنة على أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى في الجنة، وعلى ذلك أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أهل الهدى.

قال الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  [القيامة/22، 23]
وقال سبحانه: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)  [المطففين/15]
قال الشافعي: لما حجب هؤلاء في السخط دلَّ على أن أولياءه يرونه في الرضى.

وقال عز وجل: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس/26] فالحسنى: هي الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ وتنجنا من النار؟.

قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل” ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس/26]

وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال ” إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته ”

وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر” ؟ قالوا: لا يا رسول الله قال “هل تضامون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟” قالوا: لا يا رسول الله. قال: “فإنكم ترونه كذلك ” الحديث أي: ترونه رؤية صحيحة لا مضارة فيها.

إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي رواها بضعة وعشرون صحابياً، وهي أحاديث متواترة كما بين ذلك أهل العلم.أهـ

قال فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا: [1]

هناك أخبار تؤكد جواز رؤيته في الآخرة ، وزيادة في التأكيد نقول : جاءت في ذلك أحاديث متفق عليها ، منها حديث رواه البخاري ومسلم عن أكثر من عشرين من أكابر الصحابة منهم أبو سعيد الخدرى الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم :” هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال “هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا” قلنا: لا ، قال: “فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ، ثم ينادى مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أهل الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبرات ـ بقاياـ من أهل الكتاب ، وبعد إلقاء اليهود والنصارى في جهنم يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر ينتظرون رؤية الله ، فيأتيهم على غير الصورة التى رأوه أول مرة. . . . . . وعند رؤيته يسجد له كل مؤمن ،ولا يستطيع من كان يسجد له رياء وسمعة . . . إلى آخر الحديث .

وفى حديث آخر للبخاري ومسلم “ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ” .

يؤخذ من هذا أن أهل الموقف جميعا يرون الله ، وتكون الرؤية للمؤمنين نعيما ولغيرهم شقاء، يوضحه قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ  تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ  [القيامة/22-25] فإذا فرغ من الكافرين وألقى بهم في جهنم يرى المؤمنون ربهم مرة ثانية، فقد ورد في صحيح مسلم “إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله عز وجل : تريدون شيئا؟ أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟
فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ” ثم تلا هذه الآية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس/26]

فرؤية الله في الآخرة واقعة، ولا ينبغي الجدال فيها ، وعلينا أن نستعد للقائه في جنة النعيم فذلك أولى .

والله أعلم .

[1]  (الفتاوى من أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام لفضيلة الشيخ عطية صقر(1/10-11) المكتبة التوفيقية ـ القاهرة)