يقول الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَاِئَكِة اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) (سورة الكهف : 50) تفيد هذه الآية الكريمة أن إبليس له ذُرية، ولكن كيف أتت هذه الذُّرية؟ ومع أن معرفة الجواب ليست مهمة لكن العلماء شغلوا أنفسهم به، فنقلوا من الأقوال ما نقلوا واستنبطوا ما شاء لهم الاستنباط.

وذكر القرطبي حديثًا في ذلك قال إنه صحيح وهو “لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فبها باض الشيطان وفرَّخ” ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبي بكر الباقلاني أنه خرجه في كتابه عن سلمان عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا كان هذا الحديث يدُل على أن للشيطان ذرية من صلبه كما قال القرطبي وهو موافق لما جاء في الآية الكريمة فإن عبارة “باض الشيطان وفرَّخ” ليست نصًا قاطعًا في أن الذُّرية نتجت عن وضع الشيطان للبيض ثم التفريخ كما يحدث للطيور، فقد يكون المراد ذُرية إبليس يكثر وجودها في الأسواق من أجل الإفساد.

يقول القشيري أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخبر أن لإبليسَ أتباعًا وذُرية وأنهم يوسوسون إلى بني آدم وهم أعداؤهم، ولا يثبت عندنا كيفية في كيفية التوالد منهم وحدوث الذُّرية عن إبليس، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح. انتهى، وهذا هو الكلام الصحيح. يقول الشعبي: سألني رجل فقال: هل لإبليس زوجة؟ فقلت: إن ذلك عُرس لم أشهده. ثم ذكرت قوله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ) فعلمت أنه لا تكون ذُرية إلا من زوجة، فقلت نعم.

وينقل القرطبي “ج 10 ص 420” عن مجاهد أن إبليس أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات، فهذا أصل ذريته، وقيل: إن الله تعالى خلق له في فخذه اليُمنى ذكرًا، وفي اليسرى فرْجًا ، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانًا وشيطانة، فهو يخرج وهو يطير… ذلك بعض ما في الكتب، وغيره كثير مما أربأ بالمسلمين اليوم أن يعنوا به.