مما ألِّف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مبنياً على غير علم ومشتملاً على فضائل وكيفيات للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما أنزل بها من سلطان كتاب (دلائل الخيرات) لمحمد بن سليمان الجزولي المتوفى سنة 870 للهجرة، وقد شاع هذا الكتاب وانتشر في كل أقطار الأرض، أفرده مؤلفه للصلاة على النبي-صلوات الله وسلامه عليه–، وقد اشتمل على الغث والسمين واختلط فيه الجائز بالممنوع وفيه أحاديث موضوعة وأحاديث ضعيفة وفيه مجاوزة للحد ووقوع في المحظور.

حيث أورد في كتابه ما يخالف السنة كذكر مائة اسم للنبي- صلوات الله وسلامه عليه –، وذكر صيغ للصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – لا تسوغ، وكذلك ذكر المؤلف أوراداً للصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم-في عدد أيام الأسبوع بحيث يقوم قارئها بقراءة كل ورد في يوم بعينه، وهذا تخصيص بغير دليل، كما ذكر صلوات اجتهادية لا نص فيها، رغم أن الصيغ التي ثبتت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – هي أفضل الصيغ على الإطلاق .

وردا على سؤال مماثل قالت اللجنة الدائمة بالسعودية بما يلي :

إذا كان الواقع ما ذكرت من اشتمال أوراد وأحزاب هذا الكتاب على التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى الله تعالى في قضاء حاجته فلا تجوز لك القراءة فيه؛ لقوله تعالى: {قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}، وقوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}، وقوله: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءقُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَقُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} الآية.

وفي التمسك بكتاب الله تعالى وتلاوته وبالأذكار النبوية الصحيحة غنية لك عن قراءة الأوراد والأحزاب التي بكتاب [دلائل الخيرات] وأشباهها وهي كثيرة تجدها في كتاب [رياض الصالحين] وكتاب [الأذكار النووية] كلاهما للإمام النووي، وكتاب [الكلم الطيب] لابن تيمية، و[الوابل الصيب] للعلامة ابن القيم رحمة الله على الجميع، وغيرها من كتب أهل السنة.

فإن المعروف عن هذا الكتاب أنه يشتمل على كثير من الغلو والألفاظ الشركية وصيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غير مأثورة، وغير ذلك من الأمور التي يجب تجنبها والابتعاد عنها، وفي كتب أهل السنة من الأدعية الصحيحة وصيغ الصلاة الواردة ما يكفي المسلم ويغنيه عن هذا الكتاب ومثله.

وقد ألف فيه الشيخ عبد الله بن محمد الدويش – رحمه الله- كتابا قال في مقدمته :

فهذه تنبيهات على كتاب (دلائل الخيرات وشوارق الأنوار) في ذكر الصلاة على النبي المختار – صلى الله عليه وسلم -تأليف أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي السملاني، دعاني إليها ما أشتهر وذاع أن كثيرًا من الناس قد أولعوا بقراءته اغترارًا بما حوى من كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لجهلهم بالحق الصريح وتقليدهم لآبائهم لم يعلموا ما في صفحاته من التوسل المبتدع والغلو المفرط والشرك المنافي لدين الإسلام …فكتبت ما يسره الله تعالى وسميته ( الألفاظ الموضحات لأغلاط كتاب دلائل الخيرات ) .

وقد أشار خير الدين وانلي إلى هذا الكتاب فقال في كتابه ” دليل الخيرات وسبيل الجنات ” :

لم يقتصر صاحب دلائل الخيرات على اختراع صلوات ما أنزلها الله ولا نص عليها رسوله صلى الله عليه وسلم بل راح يخترع الأحاديث في فضل هذه الصلوات وينسبها للرسول بل اخترع أحاديث قدسية في فضل من قرأ هذه الصلوات ثم ذكر من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائتي اسم …وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالغاز مبهمة وراح يصف الله تعالى بصفات لم يصف بها نفسه .

وسئل الشيخ عبد الله بن حميد ـ رحمه الله ـ عن ما ورد في “دلائل الخيرات” فأجاب :

كتاب (( دلائل الخيرات)) فيه أحاديث لا تصح ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بل بعض الأحاديث جاءت في ((دلائل الخيرات)) لا تساوي شيئًا لأنها غير صحيحة وبعض الحفاظ حكم عليها بالوضع وبعض العلماء أفتى بإحراقه لأن الأحاديث التي فيه غير صحيحة .

ويقول الشيخ عبد المحسن العباد عن كتاب “دلائل الخيرات” :

كتاب دلائل الخيرات مشتمل على صلوات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم محدثة , وفيها غلو, وما ثبت في الصحيحين وغيرهما من كيفيات للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها غنية وكفاية عما أحدثه المحدثون, ولا شك أن ما جاءت به السنة وفعله الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان هو الطريق المستقيم والمنهج القويم, والفائدة للآخذ به محققة, والمضرة عنه منتفية, وقد قال عليه الصلاة والسلام: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, عضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة “.

وكتاب دلائل الخيرات اشتمل على أحاديث موضوعة وكيفيات للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها غلو ومجاوزة للحد ووقوع في المحذور الذي لا الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو طارئ لم يكن من نهج السابقين بإحسان , قال الشيخ محمد الخضر بن ما يابى الشنقيطي في كتابه “مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التجاني الجاني “: ” فإن الناس مولعة بحب الطارئ ولذلك تراهم يرغبون دائما في الصلوات المروية في دلائل الخيرات ونحوه وكثير منها لم يثبت له سند صحيح ويرغبون عن الصلوات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري فقلّ أن تجد أحداً من المشايخ أهل الفضل له وردٌ منها وما ذلك إلا للولوع بالطارئ وأمّا لو كان الفضل منظورا إليه لما عدل عاقل عن صلاة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلاة لم يرد فيها حديث صحيح بل ربما كانت منامية من رجل صالح في الظاهر “.

وبعد هذا الإيضاح لبعض ما اشتمل عليه كتاب دلائل الخيرات من الكيفيات المحدثة والصيغ الموضوعة للصلاة على النبي يتبين أن فيما ثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيان كيفية الصلاة عليه ما يغني عن إحداث المحدثين وتكلف المتكلفين .