دفن موتى المسلمين في الصناديق الخشبية فقد قرر مجلس المجمع الفقهي –التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي:
1- أن كل عمل، أو سلوك يصدر عن مسلم، بقصد التشبه والتقليد لغير المسلمين، هو محظور شرعًا، ومنهي عنه بصريح الأحاديث النبوية.
2- أن الدفن في صندوق إذا قصد به التشبه بغير المسلمين، كان حرامًا، وإن لم يقصد به التشبه بهم كان مكروهًا، ما لم تدع إليه حاجة فحينئذ لا بأس به.

ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر –رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-:
جاء في تفسير القرطبي “ج 10 ص 381” أن الدفن في التابوتِ جائزٌ، لا سيما في الأرض الرخوة، وروى أن دَانْيَالَ ـ صلوات الله عليه ـ كان في تابوتٍ من حجر، وأن يوسف ـ عليه السلام ـ أوصى بأن يُتَّخَذَ له تابوت من زجاج ويُلقى في رَكيةٍ ـ بِئْرٍ ـ مخافةَ أنْ يُعبد، وبقي كذلك إلى زمان موسى ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ فَدَلَّتْهُ عليه عَجُوزٌ، فَرفعَه ووَضَعَهُ في حظيرة إسحاق ـ عليه السلام ـ (كلام ليس عليه دليل معتمد) ثم قال القرطبي:
وفي الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: اتخذوا لي لَحْدًا وانْصِبُوا عليه اللَّبِنَ نَصْبًا كما صنع برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.

وحُكِىَ عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل الحنفي أنه جَوَّزَ اتخاذَ التابوت في بلادهم لِرَخَاوةِ الأرض وقال: لو اتُّخِذَ تابوت من حديد فلا بَأْسَ به، لكن ينبغي أن يُفرش فيه التراب وتُطَيَّنُ الطبقة العليا مما يلي الميت، ويجعل اللَّبِنَ الخفيف على يمين الميت ويساره يصير بمنزلة اللحْدِ ـ ثم قال القرطبي: ومن هذا المعنى جَعْلُ القطيفة في قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن المدينة سَبَخَةٌ، قال شُقران: أنا والله طرحت ُالقطيفة تحت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القبر. قال أبو عيسى الترمذي: حديث شُقران حديث حسن صحيح غريب، أي رواه رَاوٍ واحد فقط.

وجاء في الفتاوَى الإسلامية “المجلد الرابع ص 1264” باسم الشيخ عبد المجيد سليم كراهةُ اتخاذِ التابوت إلا إذا كانت الأرض رَخوة، أو نَدِيَّةً يُسرع فيها بِلَى الميت فلا بأس باتخاذه واستحسانه للمرأة مطلقًا سواء أكانت الأرض رخوة أم لا؛ لأنه أقرب إلى الستر والتحرز عن مَسِّهَا عند الدفن.

وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذي نشرته وزارة الأوقاف المصرية: أن دفن الميت في صندوق ونحوه مَكروهٌ مطلقًا عند الحنابلة، وخلاف الأولى عند المالكية، أما الشافعية والأحناف فقالوا: مكروه إلا لحاجة ـ كرخاوة الأرض ـ.

وقال الفقهاء: يُكره وَضْعُ وِسَادَةٍ أو فِرَاشٍ أو نحو ذلك معه في قبره، ولو كان في ذلك تكريم لكان أولى به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد بُنِىَ في قبره تِسْعُ لَبِنَاتٌ، ووُضِعَ القطيفة تحته ورُدَّ بها الحديث المذكور وكانت قطيفة نجرانية كان يَتغطى بها، فأُريد ألا يلبسها أحد بعده لكنَّ البعض قال إن الصحابة نَزَعُوهَا وفي شرح الزرقاني على المواهب اللَّدُنِّيَّةِ للقسطلاني “ج 8 ص 292” توضيحٌ لذلك فَيُرَاجَعُ، هذا وعَمَلُ التابوتِ لا يُغْنِي عن وَضْعِهِ في الأرض ليتحقق معنى الدفن، وإذا كان القصد منه مجرَّدُ التكريم دون حاجة أُخرى هو مكروه، وهو لا يفيد الميت في نعيمٍ ولا عِقَابٍ، والبساطةُ في مثل هذه الحالة مطلوبةٌ.