ليس هناك تعارض بين القرآن والسنة، فالسنة مكملة ومفسرة للقرآن وكلاهما وحي من عند الله، فدخول الجنة بالأعمال التي يعملها العبد، ولكن التوفيق لهذه الأعمال لا يكون إلا بهداية الله له.

يقول الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم :

وأما قوله تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) و (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة، فلا يعارض هذه الأحاديث، بل معنى الآيات : أن دخول الجنة بسبب الأعمال، ثم التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها، وقبولها برحمة الله تعالى وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل.
وهو مراد الأحاديث، ويصح أنه دخل بالأعمال أي بسببها، وهي من الرحمة.

يقول الشيخ محمد الغزالي :

لا يتعارض حديث مع كتاب الله أبدًا! وما يبدو حينًا من تعارض هو من سوء الفهم لا من طبيعة الواقع، وذلك مثل حديثِ : “لن يدخل أحدٌ الجنةَ بعمله”. وقولِه تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل آية: 32]

الفهم الصحيح للموضوع كله أنه لا بد من عمل يَنال به المرءُ رضا ربه ويستحق رحمته، فالجنة ليست للكُسالى والأراذل، بيد أن العمل المقبول هو المقرون بالتواضع لله، وإنكار الذات، والقلق من أن يرفض رب العالمين العملَ المتقرَّب به؛ لأن عيوبه لا تَخفَى عليه، أو لأنه دون حقه، أو لأي سبب آخر.

فمَن تقدم بعمل وهو شامخ الأنف، ليس في حسابه إلا أنه قدَّم العمل المطلوب للجنة، وعلى الله أن يسلم له المفاتيح ليدخلها بعد ما امتلكها بعمله! هذا المغرور لا يقبل منه شيء، ولا مكان له في الجنة.

أما من جاء خاشعًا خفيض الجناح، شاعرًا بالانكسار لأنه لم يقدم ما اللهُ أهلٌ له، فإنه يدخل الجنة بعمله، والدلائل على هذا المعنى كثيرة، وما يعقلها إلا العالِمون!