نشرت إحدى المجلات قيام رجل بعملية الحمل بدلا عن زوجته، وقال الأطباء إن ذلك ممكن ….

لو صح الخبر الذي نشرته المجلة، فإن الفعل كبيرة من أكبر الكبائر، ويأثم الطبيب الذي يقوم بالإشراف على هذه العملية المهينة، ومعه في الإثم الرجل الذي تخلى عن رجولته وانتكست فطرته ورضي بهذا الأمر، ولا يخفى على كل ذي بصيرة ما في هذا الفعل من أضرار مادية ومعنوية تلحق بهذا الرجل، وهذه الأضرار التي اتفق عليها جميع الأطباء من أهل التخصص كافية للقول بالتحريم.

هل يمكن أن يحمل الرجل :

يقول الدكتور هشام العناني:( مدرس بكلية طب جامعة القاهرة واستشاري أطفال الأنابيب بالمركز المصري لأطفال الأنابيب ).
أود في البداية أن أؤكد على الفطرة التي فطر الله الخلق عليها فدور المرأة واضح، وتميزها عن الرجل بالحمل والولادة أيضا واضح، ولا ننو أبدا نحن أهل الاختصاص أن نلغي دور المرأة ليصبح من السهل الاستغناء عنها فنجري أبحاثنا في الحمل والولادة على الرجل بدلا من المرأة!! وهو السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم ينو جهابذة الطب الذين يدعون أنهم سبقوا الغرب في تجربة مثل هذه بأن يجروا مثل هذه التجربة على الزوجة لا الزوج؟!!!
على الأقل كانوا سيوفرون تعاطي الرجل لهرمونات الأنوثة التي حتما ستضره؟؟!!

على كل حال دعونا من علامات الاستفهام والتعجب الكثيرة التي تدور في أذهاننا ولنرى كيف سيتم هذا عمليا وإن تم ماذا ستكون العواقب؟

لقد ذكر البروفيسور الذي قام بهذه التجربة بأنه قام بزرع البويضة الملقحة في جدار غشاء المنديل الذي يلتصق بجدار المعدة الغني بالأوعية الدموية، وهذا بالطبع متاح وبالفعل هذه المنطقة غنية بالأوعية الدموية ولا خلاف على هذا.
ولكن:

1- يمكننا تخيل كمية الدم التي تحتاجها المشيمة المتكونة لتغذية الجنين فالدورة الدموية في السيدة الحامل تزيد بحوالي 150% عن السيدة غير الحامل، وهذه النسبة تبدأ مع بداية الحمل وأثناؤه وتزيد بالتدريج حتى تصل في الشهر الثامن إلى أقصاها 150% لوجدنا أن هذا الغشاء سيسمح لنمو الجنين إلى فترة معينة يمكن أن تتراوح ما بين 7 أسابيع إلى 20 أسبوع فقط وهذا بحد أقصى فلن يستطيع أن يكمل تغذية الجنين بالدم لفترة أطول من ذلك.

2- أضف إلى ذلك أن هذه الكمية من الدم لا يمكن لهذا الغشاء وحده توفيرها؛ لذا فهو سيستدعي كميات أكبر من الدم من الأعضاء المجاورة له كالكبد والطحال والمعدة مما يؤدي بدوره إلى الإخلال بوظائف هذه الأعضاء.

3- إن من حكمة الله سبحانه وتعالى أن خلق كل عضو في الجسم بخصائص تميزه عن غيره لآداء وظيفة معينة ينفرد هو بها فالرحم صمم بخصائص تجعله قادرا على حمل الجنين لمدة 9 أشهر وحمايته من العوامل الخارجية، ولكن هذا الغشاء لا يحمل هذه الخصائص وبالتالي فإنه لن يوفر الحماية الكافية لكيس الجنين وإن وفرها له فأتوقع أن لا يكمل حتى إلى الأسبوع العشرين كما ذكرت سابقاً.

4- الأعجب والأهم أنه لم يثبت حتى الآن أبحاث علمية على الإطلاق تؤكد حدوث حمل من رجل ولم تعمل أبحاث بعد حول هذه المحاولة حتى على السيدات اللواتي فقدوا أرحامهن!!

هل تنجح في الواقع تجربة حمل الرجل :

ويقول الدكتور علاء الفقي أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب، جامعة عين شمس:
نحن نندفع دائما وراء تجارب ومحاولات نستدعيها من الغرب وننقاد لها فنظن أننا سنحقق بها سبقا وننسى أو نتناسى أننا نحن المسلمين لنا ضوابط تحكمنا في خوض مثل هذه التجارب.
فإن صحت حقيقة هذا الخبر بالفعل فإني أقول لكل جهابذة الطب إنه عند زرع البويضة الملقحة داخل منديل البطن الخاص بالرجل يمكننا أن نقول أن هذه تجربة محكوم عليها بالفشل لأسباب عدة:

الأولى: وهي أن البويضة الملقحة سيعاملها الجهاز المناعي لجسم الأب على أنها جسم غريب، ويبدأ بمحاولة رفضه وخصوصا أنه غير موجود في مكان مؤمن دون أي حماية تحيطه.

الثانية: إن افترضنا أنه تم توفير البيئة والظروف المناسبة لهذه البويضة الملقحة بمثبطات المناعة والهرمونات والمواد الغذائية اللازمة لاكتمال هذا الحمل داخل جسم رجل فإن المشكلة الأساسية ستظهر لحظة الولادة ربما بموت محقق للأب.

كيف يمكن أن يحمل الرجل وما هي نسبة اكتمال الحمل :

لمعرفة كيف هذا أقول:
إن نسبة اكتمال حمل خارج الرحم ليصل إلى مرحلة الولادة هي نسبة ضئيلة جدا جدا جدا تقدر بواحد لكل مائة مليون، ولكي يحصل الحمل خارج الرحم وبهذه الطريقة فإنه في هذه الحالة يمثل خطورة شديدة هذه الخطورة ستكون نتيجتها أن المشيمة المتكونة ستتصل بالأوعية الدموية الرئيسة في الجسم لمدها بالدم نظرا لأنها لن تتكون في مكانها الطبيعي، وتأتي الخطورة هنا لحظة الولادة عند انفصال المشيمة عن جسم الأب والذي سيتسبب في نزيف حاد من جميع هذه الأوردة والشرايين الرئيسة بالجسم نتيجة الانفصال عنها.

الثالثة: إن الهرمونات الأنثوية التي سنضطر لإعطائها للأب لاستكمال الحمل ستؤدي حتما إلى تأثيرات جانبية عليه من شأنها أن تسبب له سرطان البروستاتا والثديين وفقدان الرجولة نتيجة هذا الضغط العالي من الهرمونات الأنثوية ولفترة طويلة.

الرابعة: إن مثل هذه المحاولات لم يثبت أنها أجريت بشكل علمي على أي نوع من الحيوانات ولو بشكل مبدئي، فليس هناك دليل علمي واضح على ثبوت مثل هذه الخزعبلات.

وفي النهاية أتعجب جدا!! فلماذا لم يفكر هؤلاء الأطباء الجهابذة أن يخوضوا هذه التجربة على الزوجة وليس على الزوج؟! على الأقل لتوفير عناء الأب من تلك الهرمونات الأنثوية!!
أم أنها تضحية الزوج الذي أحب زوجته بشدة ولم يرد أن يعرضها لكل هذه المخاطر؟! والله لتشمئز نفسي من أن يكون هذا هو حال الرجال في هذه الأيام.. فكيف لنا أن نقول هيا إلى الجهاد؟!!
نستنتج مما ذكر سابقا أن هناك ضرر محقق سيقع على “الأب الحامل” مما يجعلنا نتراجع عن خوض مثل هذه التجربة، كما أنه وحتى الآن لا يوجد في عرف الطب ما نحتكم إليه في مثل هذه المسألة فهي قضية لم تثار بعد وإن كنا ننوي إثارتها فلا بد من وجود ضوابط تحكمنا في القيام بمثل هذه المسألة، ولنترك الكلمة في النهاية إلى الرأي الشرعي وهو أول من سيضع لنا هذه الضوابط..

وتأسيسا على قول الأطباء أفتى المتخصصون في الجانب الشرعي بحرمة هذا الفعل وهذا بعض أقوالهم.
يقول فضيلة الدكتور طه جابر علواني – من علماء العراق -:
معروف أن لسنن الله تعالى وقوانينه أحكاما، ومهما بلغ العلم فلن يستطيع أن يخرق هذه السنن، فالمرأة لم تعد لقضية الحمل بمجرد وجود رحم لها يكون بمثابة الكيس للجنين بحيث ينمو فيه إلى أجل معين ثم يولد، وإنما كان إعدادها جسميا وعقليا وعاطفيا لذلك.

وإذا كان في مقدور العلم أن يوجد ما يشبه الرحم أو ينمي الأجنة في أجسام ذكور أو أجسام حيوانات أو أنابيب خاصة فذلك لا يعني إلا محاولة لتغيير السنن -إن نجحت- في جانب فهي فاشلة في الجانب الآخر.

وإن هذا الرجل إذا كان محبا لزوجته حقا لدرجة أنه يريد تجنيبها متاعب الحمل فيحمل عنها، فإن الله تعالى قد جعل في طبيعة المرأة سعادة بالإحساس بالحمل حين تحمل ورضا به وسعيا إليه؛ وذلك كله يخفف عنها آلام الحمل والولادة والإرضاء بحيث لا يزال النساء منذ أن خلق الله آدم وحواء وإلى يوم الدين يسعين إلى الحمل ويطلبنه ويبذلن الغالي والنفيس من أجل الحصول عليه عندما يتأخر الحمل عنهن لأي سبب من الأسباب، وقد تطلب المرأة الطلاق أو تزوج زوجها بغيرها وتتقبل التضحية في سبيل الذرية، فلماذا يحاول هذا الزوج حرمان زوجته من كل ذلك فإنه إن كان صادقا في حبه فعليه أن يمكنها مما يتناسب وطبيعتها ويقوم هو بدوره الذي هيأه الله له.

أما إذا كان الرجل من أولئك الذين نسميهم في الفقه الإسلامي “بالخنثى المشكل” الذي يبرز في جسمه جهاز ذكورة وأنوثة فيمكنه أن يحدد جنسه الحقيقي من خلال الطب الذي يمكن أن يجري عملية جراحية يعينه على أن يكون ذكرا أو أنثى بحسب ما أودع فيه من أجهزة وقابليات، وفي هذه الحالة إذا تحول إلى أنثى فليبحث لنفسه عن زوج لا عن زوجة.

خطورة التفكير في حمل الرجل من عدة نواحي وجوانب :

ويقول فضيلة الشيخ محمد خلف يوسف – من علماء مصر-

إن أكبر انتكاسة تعيشها البشرية الآن هي بعدها عن كتاب ربها ، وهدى نبيها محمد – صلى الله عليه وسلم- ، وهذا بدوره يجعل الإنسان يتخبط خبط عشواء يمينا وشمالا ، ولقد أذهلني كل الذهول ما نشرته أحدى الصحف عن وجود رجل حامل سيضع مولوده في تاريخ كذا القادم.. حيث إن الرجل حمل بدلاً من زوجته العقيم التي حاولت الإنجاب علي مدي خمس سنوات وباءت محاولاتها بالفشل.
وسواء صح الخبر أو لم يصح وكان مجرد “كذبة ” فإنه يجب بيان خطورة هذا الأمر من نواح عدة على رأسها: الجانب الشرعي، ثم الاجتماعي، وقد بين الأطباء خطورة هذا الأمر، فنقول وبالله التوفيق:

أولا – الجانب الشرعي:
كثيرا ما نأخذ على الصغار تدخلهم فى شئون الكبار، فكيف إذا تدخل الكبار فى شئون الألوهية؟

وابتداء نقول: إن هذا الفعل من الكبائر، والظلم الأكبر، وفاعله طبيبا أو رجلا من الملعونين ـ والعياذ بالله تعالى ـ بل والراضي بذلك، والساكت عليه، وكل من شارك فى هذه العملية مشارك فى إثم وكبيرة من أكبر الكبائر، وقد وجب على الجميع المبادرة إلى التوبة والندم، والتكفير عن هذا الذنب العظيم بسائر الطاعات، والقربات، والصدقات؛ لما فى هذا الفعل من الانتكاسة الكبرى عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

ولقد بين ربنا تبارك وتعالى أنه خلق الإنسان فى أحسن تقويم وحبا كلا من الرجل والمرأة خصائص لتعمر الحياة ، فلا تصلح المرأة أن تنوب عن الرجل فيما يتعلق بالذكورة ، كما لا يصلح الرجل أن ينوب عن المرأة فى خصائص الأنوثة ، ويمكن أن نذّكر هنا بأربعة جوانب فى نصوص القرآن والسنة تمس هذا الموضوع:

الأول : تكريم الله للإنسان فى جوانب منها الخلق
ويكفي أن نشير هنا إلى بعض النصوص منها:
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) العلق: 1-3
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [ الإسراء: 70 ]
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ) [الانفطار آية 6: 8 ].
فخلق الإنسان بهيئته وصفاته الخلقية وفق مشيئة الله لا البشر.
(وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً) [ الشورى: 50].

الثاني: تحريم التغيير فى خلق الله تعالى:
الشريعة الغراء لم تقبل ما هو أقل من ذلك، فلم تقبل أن يغير الإنسان شيئا فى خلقته عن طريق النمص -إزالة بعض شعر الحاجب- أو الوشم أو التفريج بين الأسنان، ودخل هذا كله فى اللعن كما جاء فى الحديث:
– عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ فَقَالَ وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ أَمَا قَرَأْتِ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ) البخاري ومسلم
. وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَاز لَعْن مَنْ اِتَّصَفَ بِصِفَةٍ لَعَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اِتَّصَفَ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَطْلِق ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقّهُ.

الثالث: – تحريم مشابهة الرجال بالنساء ومشابهة النساء بالرجال:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ رواه البخاري والترمذي

ثانيا: الجانب الطبي:
فما ذكره الأطباء من وقوع ضرر محقق على الزوج إذا أقدم على هذا الأمر من سرطان البروستاتا والثديين واحتمال تعرضه للموت وفقدانه القدرة على المعاشرة الجنسية إلى غير ذلك مما قال الأطباء كل هذا كاف للقول بالحرمة فلا ضرر ولا ضرار.

ثالثا : الجانب الاجتماعي
من غير أن نكثر فى هذا الجانب نطرح مثل هذه الأسئلة :
1- ماذا لو عاش الرجل ، وفقد ذكورته ؟ كيف تكون الحياة بينه وبين زوجته ؟ وكيف تكون حياته مع أولاده؟!
2- كيف يعيش الرجل ـ فترة الحمل ـ بين الرجال ؟
ومن هنا نعلم خطورة هذا الحمل، وحرمته شرعا، وضرره طبيا، واجتماعيا،
ونسأل الله تعالى أن يجنب مجتمعاتنا الزلل، وأن يوفقنا لتطبيق شرعه.