يقول الأستاذ الدكتور عبد الرازق فضل:

الزَّوْجَة مأمورةٌ شرعًا بأن تكونَ رحمةً لزوجِهَا، أي يجد في سِعَةِ حِلْمِهَا وصبرها وتجمُّلِها واهتمَامِهَا بشئونِه ما يُزِيل عنه معاناةَ الكَدِّ والنَّصَبِ، فإذا ما تأجَّجَتْ نَارُ غَضَبِه كان في بَرْدِ خُلُقِهَا ما يطفئ النيران ويُسْكِتُ الغَضَبَ.

فإن حاولت التهدئة ولم تُفْلِح، فالأوْلَى بها أن تُطْفِئىء غيظها بالاستعاذَةِ بالله مِنَ الشيطانِ الرَّجِيمِ، والتحوُّلِ بلطْفٍ من مكان المشادَّة إلى حُجْرَةٍ أخرى من البيت حتَّى لا يَتَمَادَى الزَّوجُ في غضبه، فربَّمَا كان في انسحابِها ما يُعِيدُ إليه اتِّزَانَ نَفْسه ورجاحَةِ عقله.

فإذا ما كان منها بعد ذلك إلا أنْ أحست أن كَظْمَ الغَيْظِ والامتِنَاعَ عن الردِّ على الزَّوجِ أثَّرَا في حالَتِها بِمَا جَعَل الدنيا تضيقُ عليها، حتى لَتَحُسّ أنَّ ريقَها قد جَفَّ وحَلْقَها قد غُصَّ، وحينئذٍ توجَّسْتِ على حياتها الخوفَ وتوقَّعْتِ الضَّرَرَ، وغَلَب على ظنِّها أنَّه لا مانِعَ لحدوثِ مَا تتوقَّع إلا في إطفاءِ هَجِير العِرَاك بالماء، فسكبتِ كوبًا منه في جوفها، ومثل هذه الحالة أفتى العلماءُ بأنه يجبُ على مَنْ كان فيها القضاءُ فقط.

وإذا كان هذا الحكم في إفطار يومٍ من رمضانَ بعُذْرٍ فإني أُهيب بالمسلمين أن يحولوا بين أنفسهم وبين دواعي ما يُتْعِبُ النَّفْسَ؛ من شدة طبعٍ وحدَّةِ نقاش، حتى يحقق صومُهم غايتَه، وهي التقوى، كما يفهم من قوله تعالى: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ علَى الذين مِنْ قَبْلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).