إذا ثبت أن الكثير من البيرة يسكر ،كان ذلك دليلا على أنها من الخمر ، لأن الخمر ليس اسما لشراب معين ، ولكن الخمر علم على كل ما أسكر أيا كان اسمه أو طبيعته ، وإذا ثبت أن البيرة تسكر فيحرم قليلها وكثيرها ، كما تثبت الحرمة في حق من يسكر منها ، وفي حق من لا يسكر .  وإذا ثبت أن بها كحولا حتى لو كانت نسبة ضئيلة فإن ذلك يجعلها خمرا، وهذا يحتاج إلى معامل للتحاليل وليس هذا من شأن الفقهاء، فكل عملهم أن يضعوا القواعد وأن يبينوا أنها إذا كان بها كحول فإنها تكون حراما.

ولا يفوتنا هنا أن نبين أن البيرة في السعودية ليس فيها كحول.

يقول الشيخ  العلامة ابن عثيمين:

” البيرة الموجودة في أسواقنا كلها حلال ، لأنها مفحوصة من قبل المسئولين ، وخالية من الكحول تماماً ” . انتهى.

ويقول الدكتور يوسف القرضاوي :-

أما الشراب الذي يطلق عليه اسم ” البيرة ” فليس من مهمتي ولا مهمة أهل الفتوى أن يحللوا كل مشروب إلى عناصره الأولية، ويعرفوا ماذا يشتمل عليه.
وكل ما أستطيع أن أقوله هنا: إن الجمعية الدولية لمنع المسكرات قد أدخلت البيرة ضمن الأشربة الممنوعة التي تحاربها.

وعلى كل حال فإن القاعدة الشرعية: أن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى قال: ” يا رسول الله، أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن: البتع هو من العسل ينبذ حتى يشتد، والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد ” قال: وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أوتي جوامع الكلم بخواتيمه، فقال: كل مسكر حرام ” رواه أحمد والشيخان.

وعن جابر بن عبد الله أن رجلاً من جيشان – وجيشان من اليمن – سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر يقال له: المزر، فقال: أمسكر هو ؟ قال: نعم فقال: كل مسكر حرام.

” إن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال ” . قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال ؟ قال: ” عرق أهل النار، وعصارة أهل النار ” . رواه أحمد ومسلم والنسائي.

وإذا كان التحريم مبنيًا على الإسكار، فإن المادة الفعالة في الإسكار هي ” الكحول ” كما قرر أهل الخبرة والتحليل.
فإذا ثبت أن نوعًا من البيرة خال من الكحول، واطمأن لذلك قلب المسلم فلا بأس بشربه وإذا ثبت له أن بها قدرًا من الكحول – ولو ضئيلاً – بحيث يسكر الكثير منها فهي حرام.

وإن شك في ذلك فليدع ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في المشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.

ولا يخدعن المسلم عن دينه أن هذه المشروبات لا تسمى خمرًا، فإنه لا عبرة بالأسماء متى وضحت المسميات.
روى أحمد وأبو داود عن أبي مالك الأشعري: أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” ليشربن أناس من أمتي الخمر، ويسمونها بغير إسمها “.
وروى النسائي بسنده عن رجل من الصحابة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” يشرب ناس من أمتي الخمر، ويسمونها بغير اسمها “.

ونقول لكل مسلم إن في عصير الفواكه المتنوعة وألوان المياه الغازية المختلفة التي تغمر الأسواق ما يغني عن هذه البيرة المشبوهة، ومن فضل الله على عباده أن يسر لهم من ألوان الحلال الطيب ما يغني عن المحرمات والمشتبهات.

وجاء في فتاوى دار الإفتاء بالأزهر :-

إن الآثار عن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاءت بتحريم كل مسكر -‏ فقد روى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (‏ كل مسكر خمر وكل مسكر حرام )‏ رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه .‏
وفي رواية مسلم (‏ كل مسكر خمر وكل خمر حرام )‏ وعنه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال (‏ ما أسكر كثيره فقليله حرام )‏ رواه أحمد وابن ماجه والدار قطني وصححه .‏
فهذه الآثار تدل على أن كل شراب أسكر فهو خمر، وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام .‏
فالبيرة المسئول عنها من شأنها أن تسكر متعاطيها فتكون محرمة، القليل منها والكثير سواء لأنها تعد خمرًا شرعًا .‏
لعموم قوله عليه السلام (‏ كل مسكر خمر وكل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام )‏

ويقول فضيلة الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق رحمه الله :-

عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام”. “رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه” وفي رواية مسلم: ” كل مسكر خمر وكل خمر حرام”.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سُئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن البتْغِ “بكسر الباء الموحدة وسكون التاء المثناة”، وهو نبيذ العَسل، وكان أهل اليمن يشربونه، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “كلُّ شرابٍ أَسْكرَ فهو حرامٌ. “متفق عليه”.

وعن جابر أن رجلا من جيشانَ “وجيشان في اليمن” سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن شراب يشربونه بأرضهم من الذُّرة أو الشعير، يُقال له المِزْرُ “بكسر الميم وسكون الزاي”. فقال: أمُسْكِرٌ هوَ؟ قال نعم، فقال: ” كل مسكر حرام”. “رواه أحمد ومسلم والنسائي”.
وعن أبي موسى الأشعرى قال: قلت يا رسول الله أفْتِنَا في شرابينِ كُنَّا نصنعهما باليمن: البِتْع وهو من العسل ينبذ حتى يشتدُّ، والمِزْر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد. قال: وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أُعطى جوامع الكلِم بخواتيمه فقال: ” كل مُسكر حرامٌ”. “متفق عليه”.

وعن عائشة قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “كل مسكر حرام، وما أسكر الفَرَق منه “بفتح الفاء والراء: مكيالٌ يسعُ ستة عشر رطلًا”. فملء الكفِّ منه حرام”. “رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال حديث حسن”.

وعن ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “ما أسكر كثيرُه فقليلُه حرام”. “رواه أحمد وابن ماجه والدارقطنى وصححه”.
فقد دلَّتْ هذه الأحاديث على أن كل شراب أسْكرَ فهو خمرٌ، وأن ما أسكر كثيره فالقليل منه حرامٌ، فالبيرة المعروفة إذا كان من شأنها إسكار مُتعاطي الكثير منها كانت خمرًا مُحرَّمة، وحُرمة القليل منها كالكثير.

وهكذا الحُكم في كل شراب بهذه المثابة.