شهر رمضان مظلة إيمانية يتفيَّأ المؤمن مِن تحتها آثار رحمة الله وينعم بعِزِّ طاعة مولاه. وشهر رمضان قال الله في بيان منزلته: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى والفُرْقَانِ) البقرة :185، وبيَّن النبيّ الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الله فرَض صيامه وسَنَّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ قِيامه.

كما وضَّح أن الشقيَّ هو مَن جاء رمضان ثم انتهى ولم يُغفَر له. بل إن النبي أمَّنَ على دعاء جبريل حينما جاءه وقال: ويل لمَن جاء رمضان ثم انتهى ولم يُغفر له.

فهل سماع الفن الشعبيّ في ليل رمضان والاستمتاع بمَظاهر اللهو في أيِّ مكان وسيلةٌ مِن وسائل الهُدى وعمل من أعمال السعي إلى الله وطلب المغفرة، وتمسُّكٌ بفُرصةِ عَفْوٍ ربَّانيَّة يُضاعِف الله فيها لمَن أقبل عليه الحسناتِ ويمحو عنه السيئاتِ؟ أجلوسٌ على المقاهي في ليل رمضان يختلط فيه الجنسانِ يُعين على تحقيق غاية الصوم؟ أتدرون ما غاية الصوم؟ إنها التقوى ( يا أيُّها الذينَ آمنوا كُتِبَ عليكمُ الصيام كما كُتب على الذينَ مِن قبلِكمْ لعلَّكمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183.

والنِّيَّة شرطٌ لصحة الصوم، بل عَدَّهَا بعض الفقهاء ركنًا مِن أركان الصوم؛ لأن الأعمال بالنِّيَّات؛ ولأن الله قال: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) البينة :5، ونِيَّةُ صوم رمضان تكون كل ليلة وزمانها مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر عند جمهور الفقهاء، والأولَى التلفُّظ بها، لكن إذا لم يتلفَّظ بها وكان صيام الغد مَعقِد اجتماع النفس وتوجُّه القلب فهذا نِيَّة، وكذلك السحور يُعَدُّ نِيَّةً؛ لأنه ليس من العادات المُشتهرةِ الأكلُ في الثلث الأخيرة مِن الليل، فحُدوث الأكل في هذا الوقت غير المُتعَوَّد فيه على الأكْل دليلٌ على أن المقصود به التزوُّد لصيام نهار هذا اليوم.