شرعت زيارة القبور للاتعاظ والاعتبار بأن الدنيا مالها من خلود ولا بقاء، وإنما المصير إلى الدار الآخرة، لابد منه، للوقوف بين يدي عالم الغيب والشهادة المحيي المميت، ليجزي كل إنسان بما عمل من خير أو شر، بميزان عدل وقضاء حق (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (سورة الأنبياء الآية 47).

أما الذهاب لزيارة القبور في غير ما عظةٍ ولا عبرةٍ، فإنه يؤثِم صاحبَه، ويجعله غير مبالٍ بحرمة الأموات، فيجلس على قبورهم دون أن يأخذ في اعتباره أنه اليوم على ظهر الأرض، وغدًا يكون في بطنها، ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر ” رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وجاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ” لأن أطأ على جمرة أحب إلى من أن أطأ على قبر مسلم” رواه الطبراني بإسناد حسن، وعن عمارة بن حزم رضي الله عنه قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر فقال: ” يا صاحب القبر، أي يا جالسا على القبر كأنك مالكه، انزل من على القبر، لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك ” رواه الطبراني.

وأما حكم الجلوس فوق القبور، فمذهب ابن حزم القول بالحرمة لما فيه من الوعيد، وهو قول جماعة من السلف ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه، ومذهب جمهور الفقهاء أنه مكروه ومن هنا فما ينبغي لزائر القبور ارتكاب حرمة أو كراهة، ليؤجر ولا يؤزر.