لم يذهب أحد من الفقهاء إلى وجوب تفتيش التمر قبل أكله -بحيث يأثم من لم يفتشه- ولكن ذهب بعض الفقهاء إلى كراهية أكل التمر قبل تفتيشه، وذهب بعضهم إلى جواز التفتيش فقط دون إيجاب أو استحباب.

وأصل ذلك ما رواه أبو داود وغيره من حديث أنس بن مالك قال: ”

أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه” صححه الشيخ الألباني.

قال صاحب عون المعبود في شرح هذا الحديث:

فيه كراهة أكل ما يظن فيه الدود بلا تفتيش ، قاله في فتح الودود، وفيه أن الطعام لا ينجس بوقوع الدود فيه ولا يحرم أكله .

قال القاري : وروى الطبراني بإسناد حسن عن ابن عمر مرفوعا ” نهى أن يفتش التمر عما فيه ” فالنهي محمول على التمر الجديد دفعا للوسوسة أو فعله محمول على بيان الجواز ، وأن النهي للتنزيه .انتهى.

وهذا الحديث الذي  حسنه القاري ضعفه الشيخ الألباني ووصفه بالنكارة ( حديث رقم (5228) من السلسلة الضعيفة) .

هذا من حيث التفتيش في ذاته، وأما عن أكل التمر المسوس فقدذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز أكل الجبن أو الخل أو الثمار بدودها إذا نفخ فيه الروح، ورخص غيرهم في ذلك بشروط، وعلى ذلك فالمدار على الاستقذار والتضرر.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-

قال الحنفية : إن دود الزنبور ونحوه قبل أن تنفخ فيه الروح لا بأس بأكله , لأنه ليس بميتة , فإن نفخت فيه الروح لم يجز أكله . وعلى هذا لا يجوز أكل الجبن أو الخل أو الثمار بدودها .

وقال المالكية : إن مات الدود ونحوه في طعام وتميز عن الطعام أخرج منه وجوبا , فلا يؤكل معه , ولا يطرح الطعام بعد إخراجه منه , لأن ميتته طاهرة . وإن لم يتميز بأن اختلط بالطعام وتهرى طرح الطعام , لعدم إباحة نحو الدود الميت به وإن كان طاهرا , فيلقى لكلب أو هر أو دابة , إلا إذا كان الدود غير المتميز قليلا . وإن لم يمت في الطعام جاز أكله معه . هذا كله إن لم يكن الدود ونحوه تولد في الطعام ( أي عاش وتربى فيه ) , سواء أكان فاكهة أم حبوبا أم تمرا , فإن كان كذلك جاز أكله معه عندهم , قل أو كثر , مات فيه أو لا , تميز أو لم يتميز . ومعنى ذلك أنهم يلحظون فيه حينئذ معنى التبعية .

وقال الشافعية والحنابلة : يحل أكل الدود المتولد في طعام كخل وفاكهة بثلاث شرائط :

الأولى : – أن يؤكل مع الطعام , حيا كان أو ميتا , فإن أكل منفردا لم يحل .

الثانية : – ألا ينقل منفردا , فإن نقل منفردا لم يجز أكله . وهاتان الشريطتان منظور فيهما أيضا إلى معنى التبعية .

الثالثة : – ألا يغير طعم الطعام أو لونه أو ريحه إن كان مائعا , فإن غير شيئا من ذلك لم يجز أكله ولا شربه , لنجاسته حينئذ . ويقاس على الدود السوس المتولد في نحو التمر والباقلاء إذا طبخا , فإنه يحل أكله ما لم يغير الماء . وكذا النمل إذا وقع في العسل ونحوه فطبخ . وقال أحمد في الباقلاء المدود : تجنبه أحب إلي , وإن لم يتقذر فأرجو .

وقال عن تفتيش التمر المدود : لا بأس به . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس  منه } . قال ابن قدامة : وهو أحسن .