العَلَمُ رمز للوطن في العصر الحديث، وكان عند العرب رمزًا للقبيلة والجماعة، يسير خلفه ويحافظ عليه كل مَن ينتسب إلى القبيلة أو الجماعة، وكلما كان العلم مرفوعًا دل على عزّة أهله، وإذا انتكس دل على ذُلِّهم، ويُعرف عند العرب باسم الراية أو اللواء.

يقول ابن حجر في غزوة خيبر: اللواء هو العلم الذي يحمل في الحرب يُعرف به موضع صاحب الجيش، وقد يحمله أمير الجيش، وقد صرح جماعة بترادُف اللواء والراية، وقال آخرون بتغايُرهما، فقد روى أحمد والترمذي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كانت راية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوداء ولواؤه أبيض، وجزم بتغايُرهما ابن العربي فقال: اللواء ما يعقد في طرف الرمح ويُلوى عليه، والرّاية ما يعقد منه ويترك حتى تصفقه الرياح، وقيل: اللواء العلم الضخم وهو علامة لمحلِّ الأمير يدور معه حيث دار، والراية يتولاّها صاحب الحرب.

وفي شرح الزرقاني على المواهب اللدُنِّيَّة كلام كثير عن العلاقة بين الراية واللواء “ج1 ص 390 ” وذكر في غزوة تبوك أن حامل اللواء كان زيد بن حارثة، ولما قتل تناوله جعفر بن أبي طالب وقاتل حتى قتل، ثم تناوله عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، فأخذ اللواء ثابت بن أقرم العَجْلاني وتقدم به إلى خالد بن الوليد وسلمه إيّاه لجدارته كما ذكر أن جعفرًا لما قطعت يده اليمنى حاملة اللواء أخذه بيده اليسرى، فلما قطعت يداه احتضنه بعضُديه ثم قتل، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له أن يعوِّضه الله بدل اليدين جناحين في الجنّة ” ج1 ص 267 وما بعدها ” .

والمهم أن العلم أو الراية أو اللواء كان يحرِص عليه من يحمله، وإذا وقع رفعه غيره للدلالة على أن في الجيش قوة، ترفع بها معنوياتهم ليصمدوا.
فتحية العلم بالنشيد أو الإشارة باليد في وضع معين إشعار بالولاء للوطن والالتفاف حول قيادته والحرص على حمايته، وذلك لا يدخل في مفهوم العبادة له، فليس فيها صلاة ولا ذكر حتى يقال: إنها بدعة، أو تقرُّب إلى غير الله.