حق الوالدين من أعظم الحقوق على الإنسان، ومن البر مواساة الابن لأبيه بالمال، وقديما كان الآباء يتحرجون من الأخذ من أموال الأولاد فجاء هذا النص النبوي “أنت ومالك لأبيك” تطييبا لنفوس الآباء للإباحة وليس للتمليك .

هل يجب على المسلم أن يشتري لوالديه مثلما يشتري لزوجته وأولاده؟

ولمعرفة الجواب لابد من معرفة حدود النفقة الواجبة للوالدين فقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد، ومعلوم أن النفقة إنما تجب في الأشياء الضرورية التي لا بد منها لقوام الحياة. انتهى .

وعلى هذا فإذا كان الوالدان فقيرين والولد هو الذي ينفق عليهما فالنفقة الواجبة لهما تنحصر في الأشياء الضرورية وما زاد على هذه النفقة فهو محض فضل ومن باب البر بهما والإحسان إليهما. ومن ثم فإذا لم يكن بوسعه أن يشتري لوالديه مثلما يشتري لزوجته وأبناءه فلا حرج عليه وليس هذا عقوقا فالأصل الأصيل في هذا الدين أن الله تعالى قد رفع الحرج عن الناس، فقال تعالى:لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7]. وقال:لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

ويقول فضيلة الشيخ عبد الخالق الشريف:
لا بد من وضع قيود عند العمل بقوله صلى الله عليه وسلم “أنت ومالك لأبيك”، وتتمثل في الآتي:
(1) ما عليه الوالد من التقوى والورع.
(2) الحالة المادية التي عليها هذا الوالد هو ومن يكفلهم.
(3) الحاجة التي يطلب فيها الوالد المال من ولده.
(4) وفي المقابل الحالة الحقيقية التي عليها الولد ومدى سعة ماله، وما هي احتياجاته.

وعلى هذا فإذا كان الولد صاحب رزق واسع، يزيد على حاجته الأساسية هو ومن يكفلهم، وكان والده في حاجة لكي يعيش عيشة هنية، هنا يجب على ولده أن يعينه ويكرمه، حتى لو كان الوالد صاحب قدرة على العمل، ولكنه تقاعس لكي ينفق عليه ولده. أ.هـ