يقول الدكتور محمد البهي عميد كلية أصول الدين الأسبق-رحمه الله- :

أما عن السماح بنَشْر كُتب الإلْحاد والكُفر في مُواجهة الشباب في مجتمعنا الإسلامي ، فإن القرآن نفسه يُسجل مُعارضة المعارضين لدعوة الرسول محمد-عليه السلام-مع التعاليم التي أوحى بها الله إليه.

أيْ فإن كتاب الله يجمع بين دفَّتيه تعاليمَ السماء من جهة ، واتهامات الأعداء لهذه التعاليم ، والردَّ عليها من جهة أخرى ، فسورة الطور مثَلاً تنفي اتهام هؤلاء الأعداء للرسول ـ عليه السلام ـ بأنه : كاهن ومجنون ، وبأنه شاعر يَكذب ، ويتقوّل على الله ما لا يقوله ، في قوله سبحانه : (فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 30 ـ 34) ، ولكي يتَّضح نفْي هذه الاتهامات تناولها القرآن بالعرْض أولاً .

إذن المهم : أن يُسمح في مُجتمعنا الإسلامي بردِّ الإسلام على كُتب الإلْحاد والكفر إذا ما نُشرت وواجهت المارِّينَ في كل مكان ؛ إذ قد مرَّ بُمجتمعنا الإسلامي في فترة من الفترات : أن منَعَ نشْر الكتاب الإسلامي في مُواجهة الإلْحاد والشيوعية ، بينما أُتِيحت الفرصة لغيره في نشْر الهجوم عليه ، وبَثِّ الافتراءات المُضلِّلة ضدَّه .

والإسلام لذلك لا يخشى المعارضة ؛ لأنه يعلم أنها تقوم على الهوى والمَصلحة الذاتية بينما مبادئه هي مبادئ الطبيعة البشرية الخالصة ، تتلاءم مع توجيهها في كل زمان ومكانٍ .