الجهر في الصلاة الجهرية سنة وليس واجبا ، ومن السنة أيضا الإسرار في السرية ، ومن فاتته صلاة فقضاها وحده فالأولى أن يجهر بها إن كانت جهرية أو يسر بها إن كانت سرية .

جاء في المجموع شرح المهذب للشيرازي :

يستحب للإمام أن يجهر بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والأوليين من العشاء , والدليل عليه : نقل الخلف عن السلف , ويستحب للمأموم أن يسر ; لأنه إذا جهر نازع الإمام في القراءة ; ولأنه مأمور بالإنصات إلى الإمام , وإذا جهر لم يمكنه الإنصات [ لغيره فهو كالإمام ] , [ ويستحب ] للمنفرد أن يجهر فيما يجهر فيه الإمام ; لأنه لا ينازع غيره ولا هو مأمور بالإنصات إلى غيره فهو كالإمام وإن كانت امرأة لم تجهر في موضع فيه رجال أجانب ; لأنه لا يؤمن أن يفتتن بها , ويستحب الإسرار في الظهر والعصر , والثالثة من المغرب والأخريين من العشاء ; لأنه نقل الخلف عن السلف . وإن فاتته صلاة بالنهار فقضاها بالليل أسر ; لأنه صلاة نهار , وإن فاته صلاة بالليل فقضاها بالنهار أسر لما روى أبو هريرة : رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في صلاة النهار فارموه بالبعر ( يقصد ولو بشيء يسير ) ويقول : إن صلاة النهار عجماء (يقصد أي لا جهر فيها تشبيها بالعجماء من الحيوان الذي لا يتكلم , )} ويحتمل عندي : أن يجهر كما يسر فيما فاته من صلاة النهار فقضاها بالليل )

وهذا الحديث الذي ذكره باطل غريب لا أصل له . ( أما حكم المسألة ) فالسنة الجهر في ركعتي الصبح والمغرب والعشاء , وفي صلاة الجمعة , والإسرار في الظهر والعصر , وثالثة المغرب والثالثة والرابعة من العشاء , وهذا كله بإجماع المسلمين مع الأحاديث الصحيحة المتظاهرة على ذلك , هذا حكم الإمام . وأما المنفرد فيسن له الجهر عندنا وعند الجمهور فهو مذهب العلماء كافة إلا أبا حنيفة فقال : جهر المنفرد وإسراره سواء .

دليلنا : أن المنفرد كالإمام في الحاجة إلى الجهر للتدبر , فسن له الجهر كالإمام وأولى ; لأنه أكثر تدبرا لقراءته لعدم ارتباط غيره وقدرته على إطاقة القراءة . ويجهر بها للتدبر كيف شاء ؟ , ويخالف المنفرد المأموم فإنه مأمور بالاستماع , ولئلا يشوش على الإمام . وأجمعت الأمة على أن المأموم يسن له الإسرار ويكره له الجهر , سواء أسمع قراءة الإمام أم لا .

قال صاحب الحاوي : حد الجهر أن يسمع من يليه , وحد الإسرار : أن يسمع نفسه , ودليل كراهة الجهر للمأموم حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه { سبح اسم ربك الأعلى } فلما انصرف قال : أيكم قرأ ؟ أو أيكم القارئ ؟ فقال رجل : أنا فقال : قد ظننت أن بعضهم خالجنيها } رواه مسلم . ومعنى خالجنيها : جاذبنيها ونازعنيها . انتهى