اختلف العلماء حول جمع المسلم بين اسم محمد وكنية أبي القاسم ، فهناك من منعها بناء على ما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ‏ تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ؛ فإنما أنا قاسم أقسم بينكم ‏”‏ ‏.‏ وعن أنس قال ‏:‏ ‏”‏ نادى رجل بالبقيع يا أبا القاسم ‏,‏ فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله لم أعنك ، إنما عنيت فلانا، فقال : سموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ‏”‏ متفق عليهما .

-فمن العلماء من جعل النهي للتحريم.

-ومنهم من جعل النهي للكراهة التنزيهية.

-ومنهم من جعل النهي في الأحاديث مقيداً بحياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الأرجح.

فقد ذكر ابن مفلح في كتابه (( ‏الآداب الشرعية)) أن مالكا كان يقول : إنما نهي عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كراهية أن يدعى أحد باسمه أو كنيته فيلتفت النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فلا بأس بذلك ‏.‏

وقد بوَّب ابن القيم باباً في كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود) سماه حكم التسمية باسم نبينا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته إفرادا وجمعا قال فيه :
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : “تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي” وقال البخاري في صحيحه : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فعن حصين عن جابر قال ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم ، فقالوا : لا تكنه حتى تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي .. وسئل مالك : عمن اسمه محمد ويكنى بأبي القاسم ؟ فلم ير به بأسا ، فقيل له : أكنيت ابنك يشير القاسم واسمه محمد ، فقال : ما كنيته بها ولكن أهله يكنونه بها ولم أسمع في ذلك نهيا ، ولا أرى بذلك بأسا .

وقالت طائفة أخرى : لا يجوز الجمع بين الكنية والاسم، ويجوز إفراد كل واحد منهما ، واحتجت هذه الفرقة بما رواه أبو داود في سننه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي ”
وقال أبو بكر بن أبي شيبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي ”
وقال ابن أبي خيثمة وقيل : إن محمد بن طلحة لما ولد أتى طلحة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: اسمه محمد أكنيه يشير القاسم، فقال : لا تجمعهما له، هو أبو سليمان .

وقالت طائفة أخرى : النهي عن ذلك مخصوص بحياته ؛ لأجل السبب الذي ورد النهي لأجله ، وهو دعاء غيره بذلك فيظن أنه يدعوه، واحتجت هذه الفرقة بما رواه أبو داود في سننه عن محمد بن الحنفية قال رضي الله عنه : يا رسول الله إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك ، وأكنيه بكنيتك؟ قال : نعم .
وقال حميد بن زنجوية في كتاب الأدب سألت ابن أبي أويس ما كان مالك يقول في رجل يجمع بين كنية النبي صلى الله عليه وسلم واسمه فأشار إلى شيخ جالس معنا ، فقال :هذا محمد بن مالك سماه محمدا وكناه يشير القاسم ، وكان يقول : إنما نهى عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كراهية أن يدعى أحد باسمه وكنيته فيلتفت النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فلا بأس بذلك .

قال حميد بن زنجوية : إنما كره أن يدعى أحد بكنيته في حياته ، ولم يكره أن يدعى باسمه لأنه لا يكاد أحد يدعوه باسمه فلما قبض ذهب ذلك ألا ترى أنه أذن لعلي إن ولد له ولد بعده أن يجمع له الاسم والكنية ، وإن نفرا من أبناء وجوه الصحابة جمعوا بينهما منهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ومحمد بن حاطب ومحمد بن المنذر.
أهـ
وعلى هذا فالكراهة للجمع بين الاسم والكنية مقيد بحال حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، أما بعد وفاته فلا كراهة .
والله تعالى أعلم .