إذا كان بيع ملابس النساء الضيقة أو الرقيقة وغيرها سيؤدي إلى كشف العورات وإشاعة التبرج وتشجيع على المعصية وتسهيل لها ، فيكون العمل بهذا المجال حراما لأنه يؤدي إلى حرام ، أما إذا كان المقصود من بيع هذه الملابس الاستخدام الشرعي ، وهو تزين المرأة لزوجها ، فلا مانع من ذلك ، والأولى البحث عن مجال للعمل ليس فيه شبهة .

يقول الشيخ علي أبو الحسن ـ رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر :

الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله كما هو وارد في الكتاب المبين والسنة المطهرة ، ومن المعلوم أن بيع الشيء المحرم حرام ، وبناء على هذا ، فإن كان الانتفاع بهذا الشيء المباع مقصودا به المعصية وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ، ويؤدي إلى كشف العورات فيكون بيعه والمتاجرة به حراما ، وذلك مثل الخمر والخنزير وبيع الأصنام والتماثيل والصلبان ، والطعام والشراب الذي حرمه الله .

لأن التجارة والبيع لما حرمه الله يعتبر تشجيعا على المعصية وتسهيلا لها ، وقد جاء في الحديث المتفق عليه قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ  أيضا ـ (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) رواه الإمام أحمد وأبو داود .

ومن مبادئ الإسلام العظمية أن الإعانة على الإثم إثم ، وكذلك كل من اشتغل بوظيفة من شأنها الإعانة على ظلم أو حرام فهي حرام ، كمن يشتغل في محل للخمر أو صالات الرقص أو في الملاهي ، وكل هذا ما لم تكن هناك ضرورة قاهرة تلجئ المسلم إلى طلب قوته من مثل هذه الوظائف ، فإن وجدت هذه الضرورة فإنها تقدر بقدرها مع كراهيته للعمل فيها وعليه أن يداوم البحث عن وظيفة ليس فيها شبهة حتى ييسر الله له كسبا طيبا ورزقا حلالا ، وعلى المسلم أن يكتسب رزقه عن طريق الزراعة أو التجارة أو الصناعة أو أي حرفة من الحرف أو وظيفة من الوظائف ما دامت لا تقترن بحرام أو تعين على حرام ، أو تقوم على حرام .

والزينة في ذاتها ليست حراما ما دامت في الحدود الشرعية كطاعة الله تعالى أو تزين المرأة لزوجها ـ في بيتها فقط ـ قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) الأعراف ـ 13 ، وقال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) الآية 95 من سورة الأحزاب .

وقد جاء في الدستور الرباني (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ، قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) من سورة الأعراف ـ 22 ، 32 .

وعلى ذلك فالثياب الرقيقة أو الضيقة التي تبرز مفاتن المرأة للأجانب لإثارة الشهوات وإتاحة الفرصة لأعين الذئاب البشرية في عدم غض البصر وقد يؤدي ذلك إلى الخطف أو الاغتصاب أو إشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي ـ كل هذا ـ البيع والشراء والاستعمال لهذه الملابس يعتبر حراما لأنه يؤدي إلى حرام ، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود عن عائشة ـ رضي الله عنها : ـ أن أسماء ـ  بنت أبي بكر الصديق دخلت على رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال لها: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى وجهه وكفيه ـ صلى الله عليه وسلم .

أما إذا كان المقصود من هذه الملابس الاستخدام الشرعي ، وهو تزين المرأة لزوجها ليسر بذلك وتقوي عنده المودة والرحمة والسكن فلا مانع من ذلك ، لأن كلا من الزوج والزوجة يعف صاحبه ويستره من الوقوع في الحرام ، قال تعالى : (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) من سورة البقرة .

فمن كان في حاجة شديدة للعمل لكسب الرزق الحلال وهذه ضرورة من الضرورات تقدر بقدرها ، إلى أن يجد له بابا من الحلال ليس فيه شبهة وسيجعل الله له فرجا ومخرجا ما دام يبحث عن الرزق الحلال ، قال تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا).