إن رعاية قواعد المرور واحترام قوانينه أمر واجب شرعًا؛ لأنه يقوم على تحقيق المصالح ودفع المفاسد ، ورعاية هذه القواعد يحقق السلامة من الأضرار، وهذا مقصد من مقاصد الشرع الحنيف ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) أخرجه ابن ماجة .
يقول فضيلة الشيخ محمد المحمود النجدي :
إن التزام المسلم بقواعد المرور وآدابه واجب لوجوه كثيرة منها :
أولاً :

أن فيه حفظ النفس وهي من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها وهي : النفس والعقل والمال والعرض والدين، فإهمال قواعد المرور وآداب السير يؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت ، والوقوع في هاوية قتل النفس المعصومة ، وهذا من كبائر الذنوب ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق آثاماً ، يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب ) الفرقان.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال الرجل في فُسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً ) رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
والقيادة بسرعة تهور وقتل للنفس وانتحار ، وقد توعد الله تعالى فاعل ذلك فقال :
( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ، ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ) النساء 29-30
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً .. ) الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه .
ثانياً :
إن التزام نظام السير وقواعده طاعة لولي الأمر ، وقد أمرنا الله تعالى بطاعته في غير معصية فقال : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) النساء/59 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يرضى لكم ثلاثاً .. أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً .. وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم .. ) متفق عليه .
وقال : ( الدين النصيحة ‍! قلنا لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم .
والنصيحة لهم تكون بطاعتهم، وعدم مخالفتهم وعصيانهم ، وإبداء المشورة النافعة لهم، كما تكون بأمرهم بالمعروف والنهي عن المنكر .
ثالثاً :
إن الالتزام بقواعد السير خلق يوافق الأخلاق الحسنة التي أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين في كتابه وعلى لسان رسوله فقال تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان /63 أي مشياً هيناً رفيقاً في تؤدة وسكينة ووقار ، وقال على لسان لقمان الحكيم في وصيته لابنه ( واقصد في مشيك ) لقمان /19 أي ليكن مشيك قصداً بين التماوت والتهور والعجلة.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق أي: إبعاد ما يؤذي الناس في طرقاتهم من شعب الإيمان ، وجاء في الحديث أن الله تعالى أدخل رجلاً الجنة بغصن شوك أخره عن الطريق ، فما بال هؤلاء الذي يؤذون المسلمين في طرقاتهم وشوارعهم بالتعرج الخطر والسرعة الجنونية .
وكثير من الناس يفضل نفسه ويؤثرها على إخوانه من المسلمين ، فيتخطى الإشارة الحمراء ويأخذ حق غيره في المرور ، لأن الطريق ليس له وإنما لأخيه ، وقد يكون صاحب شغل وعجلة أكثر منه ، وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه بأنهم ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) الحشر/9 فكان الواحد منهم يؤثر أخاه بالشيء وهو محتاج إليه .
وأخيراً لنتق الله تعالى في جميع أمورنا، ولنتذكر بأننا محاسبون على ما نأتي ونذر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.