البدعة المنهي عنها في دين الله لها شرطان:
الأول: أن تكون حادثة لم تكن في الصدر الأول.
الثاني: أن تناقض أصلاًً من أصول الإسلام قرآنًاً أو حديثًاً نبويًّاً شريفًا.
فإن كانت حادثة ولا تناقض أصلاًً فليست ببدعة؛ ولذلك قال رسول الله ﷺ: “من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من اتبعها إلى يوم الدين، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من اتبعها إلى يوم الدين”، وبناء على هذا فلا حرج في الاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة إذا كان المقصود هو تبليغ الأمة وتذكيرها بأمر دينها وسنة نبيها ﷺ..
إن هناك الكثير من البدع غير المحرمة التي استحدثت بعد وفاة النبي ﷺ مثل جمع القرآن وصلاة التراويح والآذان الثاني في صلاة الجمعة …إلخ
هذا بالإضافة إلى أنه روي عن النبي ﷺ أنه قال: “مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا.”
وعليه فإنه ينبغي على المرء ألا يعمم العبارة الشاملة التي ذكرت في حديث آخر وهي أنه: “كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ”، وإنما عليه أن يحصرها في المقولة المحددة التي ذكرت في الحديث السابق، مما يعني أن البدع محرمة إذا كانت إثما وليست خيرا.
في ضوء ذلك الفهم لنصوص القرآن والسنة نخْلص إلى أن حكم الاحتفال بأي من المناسبات الإسلامية مثل المولد النبوي أو الإسراء والمعراج يتبع مصلحة هذا الدين؛ فإذا وجد أن هذا الاحتفال في مكان ووقت يؤديان إلى مصلحة بيِّنة للإسلام ففي تلك الحالة سيكون الاحتفال نوعا من أنواع البدع المستحسنة، فعلى سبيل المثال يمكن استغلال مثل هذه المناسبات كوسيلة لتقويم أو توصيل رسالة معينة لجمهور المسلمين أو تعليم النشء وتربيتهم على أن يشبوا أكثر وعيا بأهمية هذه المناسبات وضرورة الاستفادة منها في حياتنا اليوم.
غير أننا نؤكد على أنه لا ينبغي ارتكاب أي نوع من أنواع المعاصي باسم الاحتفال بهذه المناسبات، فالمعاصي محرمة قبلها وبعدها وأثناءها.
وعلى أي الأحوال فإننا نهيب بالعلماء الذين يحرمون مثل هذه الاحتفالات دون النظر إليها في سياق المصلحة العامة، ألا يأخذوا بعبارة النبي ﷺ عن البدعة دون أن يربطوها بالعبارات النبوية الأخرى.