الإشهاد على الدين من الأمور المشروعة ،وقد رأى جماعة من الفقهاء أنها واجبة ، والمختار أنها مستحبة ، حفاظا لحقوق الناس وأموالهم ، والإشهاد أولى من عدمه ، رفعا للخلاف ، ودرءا للشك في الضمائر .

يقول الدكتور أحمد الشرباصي من علماء الأزهر رحمه الله :

يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في سورة البقرة:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَ‍دَايَنْتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوه وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُم كَاتِبٌ بِالعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَه اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِل الَّذِي عَلَيه الحَقُّ وَلْيَتَّقِِ اللهَ رَبَّه وَلاَ يَبْخَسْ مِنْه شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيه الحَقُّ سَفِيهاً أَوْضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّه بِالعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُم فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَيَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوه صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِه ذَلِكُم أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا) ( الآية:282).
فذكرتْ الآية هنا الدعوة إلى الإشهاد على الدَّيْن، وبعض الفقهاء يرى أن الشهادة هنا فرض، ولكن الصحيح أنها مندوبة لحِفْظ الحقوق ومنع الخلاف.

ويجب على الشاهد ـ إذا قبل تحمُّل الشهادة ـ أن ما يَشهد عليه، وأن يُعاينه حتى تكون شهادته في موطنها وعلى وجهها ويلزم أن يكون آخِذ الدَّيْن حاضرًا حتى يَعْرِفَ الشاهد أنه قد أخذ الدَّيْن وأقرَّ به، لأن آخذ القرض هو الذي يتحمله ويلزمه ردُّه.

والشهادة على وثيقة القرض تتحقق بشاهدين مسلمَيْنِ من الرجال، فلا تصحُّ هنا شهادة غير المسلمين ولا شهادة الصبيان وكذلك لا تصح شهادة العبيد عند كثير من الفقهاء.

ويجوز أن تتحقق الشهادة هنا بشهادة رجل وامرأتَيْنِ، لأن المرأتين تقومان مقام الرجل متى صلُحتا لهذه الشهادة.

ومن صفات الشاهد أن يكون عَدْلا، لأن الله تعالى يقول:( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم) ( الطلاق:2) وقد قال العلماء: إن العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية، وذلك بأن يكون مُجتنبا للكبائر، مُحافظًا على المروءة، وعلى ترك الصغائر، وأن يكون ظاهر الأمانة، وأن يكون سليمًا من الفِسْق الظاهر، وإن كان مجهول الحال.

وقد نَصَّتْ الآية الكريمة على أن آخذ الدَّيْن هو الذي يُمْلِي على الكاتب بيان الدين، وهذا يستلزم وجود آخذ الدين عند كتابته. والله الهادي إلى سواء السبيل.