وضع المال في الخزينة العامة أو ما يعرف بسندات الخزينة و أخد الفوائد على ذلك المال فتلك معاملة ربوية بحتة ، لأن الخزينة تستقرض الأموال وتعطي الفوائد على القروض ، وذلك هو الربا بعينه ، و الذي يضع ماله في الخزينة إنما يضعه بنية القرض متأثرا بالحملة الإشهارية التي تقوم بها الخزينة من أجل هذا الغرض ، فهو يدخل في معاملة ربوية برغبته و إرادته.
و من ثم يكون وضع المال في الخزينة العامة بهذا الاعتبار محرما لكونه معاملة ربوية ليس لها مسوغ شرعي ، كما هو الشأن في وضع المال في البنك بقصد تأمينه و حمايته لا غير ، أما الفوائد التي يمنحها البنك لصاحب المال ـ دون إرادته ـ فيجب عليه التخلص منها و صرفها إلى أي جهة كانت و لا يجوز له الانتفاع بها لأنها مال حرام .
يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى -:
دل الكتاب العزيز والسنة المطهرة على تحريم الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة، تحريمًا شديدًا، وأبان الله سبحانه في كتابه الكريم الوعيد على ذلك فقال : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ*يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) [البقرة:275، 276].
وذكر سبحانه أن الربا محاربة لله ولرسوله ﷺ فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) [البقرة:278، 279].
فنصيحتي ترك هذه المعاملة، والحذر منها؛ لكونها معاملة ربوية، ونصيحتي لكل مسلم: ألا يدخل فيها؛ لكونها معاملة محرمة، مخالفة للشرع المطهر، ولقول النبي ﷺ: الدين النصيحة. الدين النصيحة. الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.