اللّقيط يغلب أن يكون نِتاج علاقة جنسيّة غير مشروعة، وأوجب الفقهاء التقاطَه ورعايتَه؛ لأنّه لا ذنب له في هذا المَصير، وقد يكون له شأن في التاريخ.
والقرطبي في تفسيره “ج 1 ص 355” أثار مسألة إمامتِه في الصلاة، وقال: إن الإمام مالكًا يَكرهُ أن يكون راتبًا، أي إمامًا دائمًا معيّنًا لذلك، وكذلك كَرِهَه عمر بن عبد العزيز، وكان عطاء بن أبي رباح يقول: له أن يؤمَّ إذا كان مُرضِيًا، وهو قول الحسن البصري والزهري والنخعي وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق.

وتُجْزِئ الصّلاة خلفه عند أصحاب الرأي “أبي حنيفة وأصحابه” وغيره أحبّ إليهم، والشافعي قال: أكرَهُ أن يُنَصَّب إمامًا راتبًا مَن لا يُعرَف أبوه، ومن صلّى خلفه أجْزأه. وقال عيسى بن دينار: لا أقول بقول مالك في إمامة ولد الزِّنى، وليس عليه من ذنب أبويه شيء، ونحوه قال ابن عبد الحكيم إذا كان في نفسه أهلاً للإمامة، قال ابن المنذر: يؤمّ لدخوله في جملة قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “يؤمُّ القوم أقرؤُهم” وقال أبو عمر: ليس في شيء من الآثار الواردة في شرط الإمامة ما يدلُّ على مراعاة نسبٍ، وإنما فيها الدّلالة على الفقه والقراءة والصّلاح في الدين.

بعد هذا العرض لآراء الفقهاء نرى أن إمامته جائزة والصلاة خلفه صحيحة بالاتفاق، وأن الجمهور على ذلك إذا كان حسَن السّير والسلوك متفقِّهًا في الدِّين، فليست العِبرة في الإمامة بالأنساب بل بالفقه والصلاح، وهو متفق مع قوله تعالى: (إنَّ أكْرَمَكُمْ عندَ الله أتْقاكُمْ) وعموم الحديث الذي يُقَدِّم في الإمامة من هو أفقَه وأقرأ.
والقليلون كرِهوا أن يكون إمامًا راتبًا، ولم يكرهوا أن يؤمّ الناس في بعض الأحيان، وهو إحساس عاطفي أكثر منه عقليًا.