قال كمال الدين محمد بن موسى الدميري ” 742-808هـ” في كتابه ” حياة الحيوان الكبرى”: يَحِل أكل لحم الأرانب عِند العُلَماء كَافَّة، إلا ما حُكِي عنْ عبْد الله بن عمرو بن العاص وابن أبي ليلى ـ رضي الله عنهم ـ أنهما كَرِهَا أكْلها. وحُجَّتُنَا ما رَوَى الجماعة عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ قَال: أَنْفَجْنَا ـ أي أَثَرْنا وَنَفَّرْنَا ـ أرنبًا بمرِّ الظهران فسعى القوم عليها فلغبوا ـ تعبوا وعجزوا ـ فأدركْتها فأخذْتها وأتيت بها أبا طلحة، فذبحها وبعث إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِوَرِكِهَا وفخْذها فَقَبِلَهُ. وفي البخاري في كتاب الهبة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبله وأكل منه، ولفظ أبي داود: كنت غلامًا حَزَوَّرًا فصِدْتُ أرْنبًا فَشَوَيْتُها، فبعث معي أبو طلحة بعَجُزِها إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتيتُه بها فَقَبِلَها” والحَزَوَّرُ ـ بتشديد الواو وتخفيفها ـ المُراهق.

وقد سُئِل عنها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ” هي حلال. وروى أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان عن محمد بن صفوان أنه صاد أرنبين فذبحهما بمَرْوَتَيْن ـ حَجَرَيْن لهما حدٌّ ـ وأتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمره بأكْلهما. واحتج ابن أبي ليلى ومن وافقه بما روى الترمذي عن حبان بن جزء عن أخيه خزيمة بن جزء ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله ما تقول في الأرنب؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا آكله ولا أُحَرِّمه” قال: فقلت: ولم يا رسول الله؟ قال ” إني أحسب أنها تَدْمِى” أي تَحيض، قال: فقلت: يا رسول الله ما تقول في الضَّبع؟ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ” ومَن يأكل الضبع؟”. قال الترمذي: إسناده ليس بالقوي، ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شَيْبة، وذكر فيه الثعلب والضبع أيضًا، وفي بعض الروايات: وسألتُه عن الذِّئب فقال ” لا يَأْكل الذئبَ أحدٌ فيه خير. وليس في شَيء من الأحاديث وإن ضعُفت ما يدلُّ على تَحْريم الأرنب. وغاية ما في هذين الخبرين استقْذارُها مع جواز أكلها. ثم ذكر الدميري ” الأرنب البَحْري” وهو ـ كما قال القزْويني ـ حيوانٌ رأسه كرأس الأرنب وبدَنُه كبدن السَّمك، وقال الرئيس ابن سينا: إنه حيوان صغير صدفي، وهو من ذوات السموم إذا شُرِب منه قتل، ثم قال الدُّميري: يَحْرُم أكْلُه لسميته، ويُسْتَثنى من قولهم: ما أُكِل شبهُه في البر أُكِل شبهه في البحر؛ لأنه ليس يُشْبهه في الشكل، وإنما هو موافق له في الاسم.