لا بأس بإظهار المرأة شعر رأسها أمام محارمها من الرجال، ما دامت الفتنة مأمونة ، والشهوة مفقودة، وزوج الابن من محارم المرأة الذين يجوز للمرأة أن تظهر أمامه شعرها لأنه من محارمها على التأبيد، ويقصد بمحارم المرأة من الرجال الذين تحرم عليهم تحريماً مؤبداً ، فلا يحلون لها بحـال من الأحوال ، أو في وقت من الأوقات ، ويجوز لها إبداءُ زينتها أمامهم نظراً للضرورة الداعية إلى المخالطة والمداخلة والمعاشرة ، ولأن الفتنة -غالباً- مأمونة من جهتهم ، وهم :
1) الآباء ، وكذا الأجداد ، سواء كانوا من جهة الأب أو الأم .
2) آباء الأزواج .
3) الأبناء وأبناء الأولاد وإن نزلوا .
4) أبناء الأزواج وإن نزلوا .
5) الإخوة مطلقاً ، سواء كانوا أشقاء أم لأب أو لأم .
6) أبناء الإخوة والأخوات وإن نزلوا .
7) الأعمام وكذلك أعمام أبيها ، وأعمام أمها وإن علوا .
8) الأخوال وكذلك أخوال أبيها وأخوال أمها وإن علوا .
9) المحارم من الرضاع : وجميع ما سبق من المحارم إن كان من رضاع فإنه يكون من المحارم للمرأة فيحرم عليها أبوها بالرضاع وابنها من الرضاع ، وأخوها ، وابن أخيها من الرضاع وجميع ما ذكر سابقاً لقوله ﷺ : [ يحـرم من الرضاع ما يحرم من النسب ] . رواه البخاري ومسلم.
10) المحارم بالمصاهرة : يحرم بسبب المصاهرة : أب الزوجة وجدها وإن علا ، وابن الزوجكما يحرم أيضا : زوج البنت بمجرد العقد على البنت ، وزوج الأم بعد الدخول بالأم. لقوله تعالى :( وأمهات نسائكم ، وربائبكم اللاتي ف يحجوركم من نسائكم الاتي دخلتم بهن ).
وعليه : فيكون كشف رأسها أمامهم مباح لقوله تعالى: ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن) وهم في حكم الآباء ، وعليهم إذا وجدوا شهوة في النظر إليه أن يغضوا أبصارهم.
فعلى المرأة أن تراعي أن تكون محتشمة أمام محارمها ، أما بينها ويبن زوجها فإن الشرع قد أباح لهما أن يلبسا ما شاءا من أردية .
يقول أ د رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم :
يجب على المرأة أن تحتشم أمام محارمها وخاصة أمام أولادها، فلا بأس بأن تظهر ساقها مثلاً وهي تلبس، لكن ينبغي أن يكون الثوب مغطيًا للركبة أمام من ذكرنا من المحارم، حتى يكون زيها محتشمًا، ولأن ظهور الركبة قد يؤدي إلى ظهور ما هو أكثر من ذلك، مما ينبغي أن تستره المرأة حتى أمام محارمها غير زوجها.
أما إذا كان زوجها هو الذي في المنزل فقط، فلها أن تلبس ما تشاء وتظهر ما تشاء.أهـ
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:-
عورتها بالنسبة للرجال الأجانب عنها وكذلك النساء غير المسلمات جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، على ما اخترناه، إذ أبيح كشفهما -كما قال الرازي- للحاجة في المعاملة والأخذ والعطاء، فأمرن بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه، ورخص لهن في كشف ما اعتيد كشفه، وأدت الضرورة إلى إظهاره، إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سمحة. قال الرازي: ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري، لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة. أما القدم فليس ظهورها بضروري فلا جرم اختلفوا هل هي عورة أم لا؟.
وعورتها بالنسبة للأصناف الاثني عشر المذكورين في آية النور ، وهم :(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..) سورة النور:30-31.
تتحدد هذه العورة فيما عدا مواضع الزينة الباطنة من مثل الأذن والعنق والشعر والصدر والذراعين والساقين، فإن إبداء هذه الزينة لهؤلاء الأصناف قد أباحته الآية.
وماعدا ذلك من مثل الظهر والبطن والسوءتين والفخذين، فلا يجوز إبداؤه لامرأة أو لرجل إلا للزوج.
وهذا الذي يفهم من الآية أقرب مما ذهب إليه بعض الأئمة؛ أن عورة المرأة بالنظر إلى المحارم ما بين السرة والركبة فقط. وكذلك عورتها بالنسبة إلى المرأة بل الذي تدل عليه الآية أدنى إلى ما قاله بعض العلماء: إن عورتها للمحرم ما لا يبدو منها عند المهنة. فما كان يبدو منها عند عملها في البيت عادة فللمحارم أن ينظروا إليه.
ولهذا أمر الله نساء المؤمنين أن يستترن عند خروجهن بجلباب سابغ كاس، يتميزن به عمن سواهن من الكافرات والفاجرات، وفي هذا أمر الله نبيه أن يؤذن في الأمة بهذا البلاغ الإلهي العام: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) الأحزاب:59. والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب واسع كالملاءة تستتر به المرأة.
وكان بعض نساء الجاهلية إذا خرجن من بيوتهن كشفن عن بعض محاسنهن، من مثل النحر والعنق والشعر، فيتبعهن الفساق والعابثون. فنزلت الآية الكريمة تأمر المرأة المؤمنة بإرخاء بعض جلبابها عليها، حتى لا ينكشف شيء من تلك المفاتن من جسدها، وبهذا يعرف من مظهرها أنها عفيفة مؤمنة، فلا يتعرض لها ماجن أو منافق بإيذاء.
فالواضح من تعليل الآية أن هذا الأمر خوف على النساء من أذى الفساق، ومعاينة المجان، وليس خوفا منهن ولا فقدانا للثقة بهن -كما يدعي بعضهم- فإن المرأة المتبرجة بزينتها وثيابها، أو المتكسرة في مشيتها، أو الطرية في حديثها، تغري الرجال بها دائما، وتطمع العابثين فيها، وهذا مصداق الآية الكريمة (فلا تخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض) الأحزاب:32.
وقد شدد الإسلام في أمر التستر والتصون للمرأة المسلمة. ولم يرخص في ذلك إلا شيئا يسيرا خفف به عن عجائز النساء. قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن، والله سميع عليم) النور:60.
والمراد بالقواعد النساء اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن فلا يطمعن في الزواج، ولا يرغبن في الرجال، كما لا يرغب فيهن الرجال. فهؤلاء قد خفف الله عنهن، ولم يجعل عليهن حرجا أن يضعن من بعض الثياب الخارجية الظاهرة كالملحفة والملاءة والعباءة والطرحة ونحوها.
وقد قيد القرآن هذه الرخصة بقوله: (غير متبرجات بزينة) أي غير قاصدات بوضع هذه الثياب التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه.
ومع هذه الرخصة، فالأفضل والأولى أن يتعففن عن ذلك، طلبا للأكمل، وبعدا عن كل شبهة (وأن يستعففن خير لهن). أهـ
أما عورة المرأة مع المرأة فقد اتفق الجمهور على أن ما يحل للمرأة من النظر إلى المرأة هو جميع بدنها ما عدا ما بين السرة والركبة؛ فهذه هي عورتها بالنسبة للمرأة الأخرى سواء كانت أجنبية عنها أو محرما لها كالأم أو الأخت أو البنت ؛ وأما العورة من السرة إلى الركبة فلا يجوز للمرأة أن تنظر إليها ولا تمسها مطلقًا سواء كان بشهوة أو بغير شهوة؛ سواء أمنت الفتنة أو مع الخوف منها. إلا لضرورة كتطبيب أو ولادة ،وقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله ﷺ قال: “… ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة” رواه مسلم ، فلا يجوز كشف شيء من هذه المنطقة إلا للضرورة الحقيقية.
جاء في موسوعة الفقه الكويتية :
ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل , أي ما بين السرة والركبة , ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين , وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا , ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة . أ.هـ.