لا شك أن المرأة بهذا الفعل أقدمت على جملة من الآثام العظيمة ( الزنا ، وقتل النفس) وهذه الذنوب تجلب غضب الله ونقمته ما لم يدرك الإنسان نفسه بتوبة ماحية لهذه الذنوب، ولكن التوبة ليست كلاما باللسان ، ولكنها عمل بالقلب واستغفار باللسان ، وتكفير بالجوارح، وإحساس يغمر النفس بالحسرة واللوعة، فيشتغل اللسان بالاستغفار طالبا من ربه الصفح والعفو ، وتنطلق اليد بالصدقة تمحو بها آثار المعصية.

ثم يبقى من جملة التوبة كفارات عملية للإجهاض:-

أولا :- أن تصوم المرأة شهرين متتابعين كفارة عن قتلها جنينها.

ثانيا : عقوبة مالية، فيجب عليها ما يعرف في الفقه بالغرة ، وذاك لأن الجنين اعتدي عليه بعد اثنين وأربعين يوما، فعلى من قام بالإجهاض ( الأم هنا)  وهي تقدر في زماننا هذا ب212 جراما من الذهب.

والسؤال هنا ، من يدفع هذه الغرة ؟؟؟ ومن يستحقها ؟؟؟؟

أما من يدفعها، فقد اختلف العلماء في ذلك على اتجاهين :-

الاتجاه الأول :–  أنها على المرأة نفسها .

الاتجاه الثاني :- وأبرز من يمثله هم فقهاء الشافعية أنها على عاقلتها لا عليها ، ولعل هذا الاتجاه هو الصحيح ؛ هو ما تدل عليه الأحاديث ففي الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة قال { : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة , ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت , فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها , وفي رواية : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها , فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة : عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها } . إذن فتجب هذه القيمة في مال العاقلة، والمراد بالعاقلة: عاقلتها هي، أي عصبتها ، أي أبوها وإخوتها وأولادها.

وعلى من توزع هذه الغرة ؟؟؟ إنها توزع على ورثة الجنين،ومن هم ورثة الجنين؟ هم عصبتها أنفسهم، أي هم من يجب عليهم أن يغرموا الدية، ولست المرأة واحدة من الورثة ؛ لأن المرأة هي القاتلة، والقاتل محروم من الميراث، ومحروم من رحمة الله إلا إذا تاب توبة مطهرة.

والزاني ليس له من الميراث شيء، بهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى الترمذي بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث }

وقال العلامة الشوكاني بعد أن ساق هذا الحديث ومجموعة أخرى من الأحاديث، قال :

“وأحاديث الباب تدل على أنه لا يرث ابن الملاعنة من الملاعن له ولا من قرابته شيئا , وكذلك لا يرثون منه , وكذلك ولد الزنا وهو مجمع على ذلك , ويكون ميراثه لأمه ولقرابتها كما يدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب المذكور وتكون عصبته  عصبة أمه وقد روي نحو ذلك عن علي وابن عباس , فيكون للأم سهما ثم لعصبتها على الترتيب , وهذا حيث لم يكن غير الأم وقرابتها من ابن للميت أو زوجة , فإن كان له ابن أو زوجة أعطي كل واحد ما يستحقه كما في سائر المواريث قوله .” انتهى.

وعلى ذلك فيتساقط ما للعصبة من ميراث بما عليهم من غرة ، فلا يجب أن تخبرهم ، ولا أن تـأخذ منهم شيئا ، ولا أن تعطيهم، وتحسن من فعلت هذه الأفعال فيما بقي يغفر الله لها ما مضى، ويأجرها فيما بقي وإلا أخذها بالأول والآخر!!!!!

والله تعالى أعلم .