مسألة تنازع أحد الزوجين مع ورثة الآخر حول التركة فيها اختلاف كبير بين الفقهاء ، أي إذا مات أحد الزوجين ، واختلف الآخر مع ورثة من مات ، كل من الطرفين يدعي أن البيت وما فيه ملك له، فبقول من نحكم؟
على أية حال: ما كان باسم الزوج فالظاهر أنه ملكه ، فإذا استطاعت الزوجة أن تثبت أن لها حقا فيه فيعمل ببينتها، فإذا لم يكن لها بينة فهي المقصرة، حيث قصرت في إثبات حقها ، ولذلك فنحن لا نحب للزوجة أن تضع أموالها في حساب زوجها البنكي، بل تضعه في حساب خاص بها حتى لا يكون عرضة للضياع.
كما أن أمتعة البيت لا مجال للحديث عن كونها ملكا للزوج؛ لأن قائمة منقولات الزوجية تسجل في مصر باسم الزوجة ، فهي لها ، وما عداها يكون محلا للنزاع، أي ينصف بينهما بعد أن تحلف الزوجة أن الشيء محل النزاع ملك لها، وكذلك يفعل في أمتعة البيت في الدول التي لا تسجل الأمتعة باسم الزوجة.
ولعل أعدل الأقوال في هذه المسألة خاصة أن تقسم الأموال بينها وبين زوجها ، تأخذ نصفا لها ، والنصف الباقي يقسم بين الورثة، وهي واحدة منهم، وذلك ؛ إذا كانت موظفة مثله، أي تعمل وتحصل على راتب او كانت ذات مال.
جاء في كتاب المحلى لابن حزم :
إذا تداعى الزوجان في متاع البيت بعد الطلاق، أو بغير طلاق، أو تداعى الورثة بعد موتهما أو موت أحدهما، فهو كله بينهما بنصفين مع الأيمان، سواء كان مما لا يصلح إلا للرجال كالسلاح ونحوه، أو مما لا يصلح إلا للنساء كالحلي ونحوه، أو كان مما يصلح للكل.
وقد اختلف الناس في هذا كثيرا -: فروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: البيت للمرأة إلا ما عرف للرجل.
وبه إلى معمر عن أيوب السختياني عن أبي قلابة مثل قول الزهري.
ومن طريق عبد الرزاق عن المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن الحسن قال: إذا مات الزوج فللمرأة ما أغلق عليه بابها.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: ليس للرجل إلا سلاحه وثياب جلده.
وقال ابن أبي ليلى: كل ما في البيت فللرجل إلا ما كان على المرأة من الثياب، والدرع، والخمار.
وقال إبراهيم النخعي: ما كان من متاع الرجال فللرجل، وما كان من متاع النساء فللمرأة، وما صلح لهما فهو للحي منهما في موت أحدهما، وأما في الفرقة فهو للرجل.
وهو قول أبي حنيفة مع الأيمان، فإن كان أحدهما حرا والآخر مملوكا، فالمال كله للحر مع يمينه.
وقال محمد بن الحسن كذلك، إلا في الموت فإنه للرجل أو لورثته مع اليمين.
وقال أبو يوسف: ما كان لا يصلح إلا للنساء فإنه يقضي منه للمرأة ما يجهز به مثلها، إلا زوجها والباقي منه ومن غيره للرجل مع يمينه – الموت والطلاق سواء في ذلك.
وقال عثمان البتي وعبد الله بن الحسن، والحسن بن حي، وزفر في أحد قوليه ما صلح للرجال فهو للرجل مع يمينه، وما صلح للنساء فللمرأة مع يمينها وما صلح لهما فبينهما بنصفين مع أيمانهما.
وقال مالك: ما صلح للرجال فهو للرجل مع يمينه، وما صلح للمرأة فهو للمرأة مع يمينها، وما صلح لهما فهو للرجل مع يمينه الموت والفرقة سواء.
وقال أبو محمد: كل هذه آراء يكفي من فسادها تخاذلها، وما نعلم لمالك أحدا تقدمه إلى قوله المذكور.
قال علي: إذا وجب عندهم القضاء بما لا يصلح إلا للرجال للرجل، وما لا يصلح إلا للنساء للمرأة، فأي معنى للأيمان في ذلك، إذ قد ثبت أنه لمن قضوا له به، وإن كان لم يثبت له بعد، فما أحدهما أولى به من الآخر.
قال علي: وقال سفيان الثوري، والقاسم بن معاذ بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وشريك، وزفر في أحد قوليه، والشافعي، وأبو سليمان وأصحابهما، كما قلنا نحن.
قال أبو محمد: البيت بأيديهما فصح أنهما فيه سواء، فلكل واحد منهما ما بيده، وله اليمين على الآخر فيما ادعى مما بيده – .