يدخل تعليق الدعاء للغير على مشيئة الله فى النهى عن تعليق الدعاء على المشيئة ، لأن كلا من الدعاء للغير والدعاء للنفس دعاء.
روى البخارى عن ‏‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏:( ‏لا يقولن أحدكم اللهم ‏اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)
وفى رواية:( ‏ ‏لا يقل أحدكم اللهم ‏اغفر لي إن شئت ،ارحمني إن شئت ، ارزقني إن شئت ‏ ‏وليعزم ‏ ‏مسألته إنه يفعل ما يشاء لا مكره له ) أى أن الله تعالى المسؤل لا يكرهه أحد ؛ حتى يحتاج إلى التخيير سبحانه بقول الداعى: إن شئت.

‏وأما ما يجوز فيه استخدام ( لو) فهو ما يكون فيه فائدة كالتحسر على عبادة فاتت ، أو على فعل منكر .

قال ابن حجر فى فتح البارى ، شرح صحيح البخارى:
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله , وما شاء فعل ; فإن ‏‏ لو تفتح عمل الشيطان ) ‏

قال بعض العلماء : هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدا ذلك حتما ـ اى معتقدا أن فعله يغير القدر ـ , وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعا , فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله , فليس من هذا , واستدل بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار : ( لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا ) .

قال القاضي عياض : وهذا لا حجة فيه ; لأنه إنما أخبر عن مستقبل , وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه . قال : وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ( ما يجوز من اللو ) كحديث ( لولا حدثان عهد قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم ولو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك ) وشبه ذلك , فكله مستقبل لا اعتراض فيه على قدر , فلا كراهة فيه ; لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع , وعما هو في قدرته , فأما ما ذهب فليس في قدرته .

قال القاضي : فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه ; لكنه نهي تنزيه , ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ‏) أي يلقي في القلب معارضة القدر , ويوسوس به الشيطان . هذا كلام القاضي .

ثم قال ابن حجر : وقد جاء من استعمال ( لو ) في الماضي قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ) . وغير ذلك . فالظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه , فيكون نهي تنزيه لا تحريم .

فأما من قاله تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى , أو ما هو متعذر عليه من ذلك , ونحو هذا , فلا بأس به , وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث .