اختلف أهل العلم في صيام الثالث عشر من شهر ذي الحجة لوقوعه من جملة أيام التشريق.

ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة الصيام في هذه الأيام.

وذهب بعض الفقهاء إلى جواز صيامها.

وذهب بعضهم إلى مشروعية صيامها للمتمتع العاجز عن الهدي ممن قال الله في شأنهم : “…. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ….. [البقرة : 196].

والراجح هو حرمة الصوم في أيام التشريق، وعلى هذا فيحرم صيام الثالث عشر من ذي الحجة.

أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تَعْقب يوم الأضحى، وقد وردت عدة أحاديث نبوية وآثار عن الصحابة، يفهم منها النهي عن صيام أيام التشريق، منها :

1-عن نُبَيْشَةَ الهُذَلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أيام التشريق أيام أكل وشرب} رواه مسلم وغيره.

2- عن أم مسعود بن الحكم رضي الله تعالى عنها قالت: {كأني أنظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء يقول: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أيام التشريق أيام أكل وشرب ليس بأيام صيام} رواه النَّسائي في السنن الكبرى وأحمد وابن خُزيمة والحاكم وأبو يعلى.

3- عن عاصم بن سليمان عن المطلب قال: {دعا أعرابياً إلى طعامه ، وذلك بعد يوم النحر ، فقال الأعرابي : إني صائم ، فقال : إني سمعت عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينهى عن صيام هذه الأيام } رواه ابن خُزيمة ( 2148 ) والنَّسائي وعبد الرزاق . وللنَّسائي أيضاً ( 2914)

4- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: {أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أيام مِنى: إنها أيام أكل وشرب فلا صومَ فيها ، يعني أيام التشريق } رواه أحمد ( 1456 ) . وروى البزَّار هذا الحديث (1067) دون قوله ( فلا صوم فيها ) قال الهيثمي [ رجاله رجال الصحيح ] .

5-عن أُم عمرو بن سليم الزرقي رضي الله عنها أنها قالت { بينما نحن بمنى إذا علي ابن أبي طالب على جمل ، وهو يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذه أيامُ طُعْمٍ وشُربٍ فلا يصومنَّ أحدٌ ، فاتَّبعَ الناسُ } رواه أحمد ( 824 ).[1]

قال الشوكاني في نيل الأوطار :

“…قد استدل بهذه الأحاديث على تحريم أيام التشريق ، وفي ذلك خلاف بين الصحابة فمن بعدهم .

قال في الفتح : وقد روى ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوام وأبي طلحة من الصحابة الجواز مطلقا .

وعن علي عليه السلام وعبد الله بن عمرو بن العاص المنع مطلقا ، وهو المشهور عن الشافعي .

وعن ابن عمر وعائشة وعبيد بن عمير وآخرين منعه إلا للمتمتع الذي لا يجد الهدي ، وهو قول مالك والشافعي في القديم .

وعن الأوزاعي وغيره أيضا يصومها المحصر والقارن انتهى .”

وقد انتقد الشوكاني مذهب من أجاز فقال :

” وأما القائل بالجواز مطلقا فأحاديث الباب جميعا ترد عليه .”

والقول بالتحريم كذلك هو ما اختاره الإمام البخاري على ما استظهره الحافظ في الفتح من مذهبه، وممن اختار تحريم صيام أيام التشريق من المعاصرين، العلامتان القرضاوي وابن العثيمين،وقد وجه الشيخ القرضاوي ما روي عن بعض السلف من تجويزهم صيامها أنه ربما لم يبلغهم النهي عن صيامها.

وعلى هذا، فإن يوم الثالث عشر من ذي الحجة سيقع قطعا كل عام من جملة أيام التشريق، فليس هذا مما يصادف وقوعه مرة ويخطئه أخرى، فيكون النهي عن صيام هذا اليوم من شهر ذي الحجة مخصوص من استحبابه في بقية الشهور. ومن أراد أن يظفر بفضيلة صيام الأيام البيض فيمكنه أن يصوم أي ثلاثة أخرى من الشهر، ففي الحديث : ” «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله» رواه البخاري.

وفي صحيح مسلم ، من حديث عائشة ، قالت: «لا يبالي هل صامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره» فالسنة تحصل بصيام ثلاثة أيام من أي موضع من الشهر.