ما هو التصفيح :
النوع الأول: عمل تقوم به بعض النساء الكبيرات في السن للبنات الصغيرات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن الخامسة خوفا عليهن من فض غشاء البكارة حتى لو تم الاعتداء الجنسي عليهن ، وتظل كذلك حتى ليلة زفافها ( الدخلة) حيث يتم التخلص من هذا التصفيح، وإلا فلا يتمكن زوجها من معاشرتها.
هذا التصفيح يتم غالبا ـ حسب ما علمنا ـ بطريق السحر ، حيث تذهب المرأة بابنتها أو بنت أختها أو إحدى قريباتها إلى إحدى الكاهنات أو الساحرات ، أو أحد الكهنة أو السحرة، فيتم عمل مانع من الجماع عن طريق عمل أشياء وقراءة كلمات وطلاسم ويكون مع هذا استخدام الجن والشياطين، وغالبا ما يتم تلبس الجني أو الشيطان الموكل بالأمر للفتاة ، ويظل معها .
والنوع الثاني : من التصفيح وهو عبارة عن غلق فرج الفتاة جراحيا إلى ليلة الزفاف ، ولا يترك منه إلا فتحة صغيرة لإخراج البول .
حكم التصفيح من النوع الأول :
وورد في حديث آخر أن الرسول ﷺ قال : ” من أتى كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد “، رواه أصحاب السنن وغيرهم وهو حديث صحيح .
هل تأثم من عمل لها التصفيح :
وأما واجب الفتاة نحو هذا التصفيح : فإن عليها أن تتخلص منه وتعالج نفسها بالقرآن الكريم والأدعية والأذكار الشرعية ، وحسن الصلة بربها ودعائه تعالى والاستعانة به والتوكل عليه.
هل يجوز فك السحر بالسحر :
وقد سئل الرسول ﷺ عن النشرة- فك السحر بالسحر- فقال : ” هي من الشيطان “، رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد .
طريقة فك السحر :
كما يمكن قراءة الآيات التالية : قوله تعالى: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) الأعراف 117-119 ، وقوله تعالى :( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) يونس 79-82 ، وقوله تعالى : ( قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) طه 65-69 .
وهذه الآيات وإن لم يرد فيها حديث خاص بها إلا أنها مجربة، وفيها مناسبة لموضوع السحر، فلا مانع من الانتفاع بها أو بغيرها من القرآن الكريم ، وذلك لأن القرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين، كما ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى : (ونُنزِّلُ مِن القُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ للمُؤمِنينَ) (الإسراء: 82) وقوله سبحانه: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ) (فصلت:44 ).، ولما رواه مسلم في صحيحه (2200) عن عوف بن مالك الأشجعي قال : ” كنا نرقي في الجاهلية . فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال ” اعرضوا على رقاكم . لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ” .
كما يمكن الاغتسال بماء يضرب فيه ورق السدر وتقرأ عليها الآيات السابقة أو غيرها والأدعية والأذكار، مع الشرب منه ، وقبل ذلك المحافظة على الصلاة فى وقتها والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، ودوام الوضوء، وتسمية الله على كل شيء، وكثرة الاستغفار والتسبيح والصلاة على النبي ـ ﷺ.
ثم إن هذا التصفيح ربما شجع على الفاحشة إن كانت البكارة تبقى رغم الممارسة أو الاعتداء.
وأما أولياء أمور الفتيات وخاصة الأمهات اللاتي يقم بهذا الأمر فعليهن التوبة والرجوع إلى الطريق القويم والتمسك بشرع الله تعالى، والمحافظة على فتياتهن بغرس الفضيلة في نفوسهن وتنشئتهن على العفة والطهر والحياء منذ نعومة أظفارهن ، وأن يجنبنهن التبرج والاختلاط السافر وكل ما يؤدي بهن إلى الفاحشة أو يغري الفسقة بالاعتداء عليهن .
وعلى جميع المسلمين السعي في توعية المجتمعات بأمورهم الشرعية وتحذيرهم من أعمال المشعوذين والدجالين، وأن يسعى كل مسلم في حماية أولاده بتعليمهم أمور الشرع وصيانتهم.
حكم التصفيح من النوع الثاني :
حق الصغير تعليمه العقيدة والعبادات والاخلاق :
ودليل وجوب تعليم الصغير قول الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا )التحريم:6، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة: معناه علموهم ما ينجون به من النار. وهذا ظاهر ، وثبت في الصحيحين عن ابن عمررضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ أنه قال: كلكم راع ومسؤول عن رعيته. قال القاضي أبو بكر بن العربي: إن الصبي أمانة عند والديه ،وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل نقش، وقابل لكل ما يمال به إليه ، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب ، وإن عود الشر وأهمل شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة القيم به والولي عليه ، ومهما كان الأب يصون ولده من نار الدنيا فينبغي أن يصونه من نار الآخرة وهو أولى ، وصيانته بأن يؤدبه ويهديه ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء ، ولا يعوده التنعم ، ولا يحبب إليه الزينة وأسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر ويهلك هلاك الأبد ، وينبغي أن يعلمه أيضاً من أمور الدنيا ما يحتاج إليه من السباحة والرمي وغير ذلك مما ينفعه في كل زمان بحسبه، قال عمررضي الله عنه : علموا أولادكم السباحة والرماية ،ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً . كما يجب على الولي تأديب الصغار بالآداب الشرعية التي تغرس في نفس الطفل الأخلاق الكريمة والسلوك القويم ، كالأمر بأداء الصلاة وغيرها مما هو في طوقه.