من السنة أن يمشي المسلم في الجنازة، ويتأدب بآدابها ، ويمكن له إن لم يستطع المشي لكبر سن ، أو عجز ومرض ، أو لطول مسافة أن يركب ، وعليه أن يتعظ بها.

يقول الأستاذ الدكتور سعيد أبو الفتوح أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس :

من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض، وأن يتبع جنازته إذا مات ، وقد بين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فضل الصلاة على الميت واتباع جنازته إلى أن يدفن ، فقال فيما رواه عنه أبو هريرة – رضي الله عنه – :” من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلي عليه ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل ( جبل ) أحد ، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط .”.

ويجب على المشيعين للجنازة أن يلتزموا الهدوء والسكينة ، وأن يتفكروا فيما بين أيديهم من حال الميت ، وأن يكون الموت خير واعظ لهم فعن أبي سعيد الخدري أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :” عودوا المريض ، وامشوا مع الجنازة تذكركم الآخرة “.

ويكره رفع الصوت في أثناء الجنازة ولو كان ذلك بذكر أو قراءة قرآن أو غيرهما ، فقد روي أن صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا يكرهون رفع الصوت عند ثلاث : عند الجنائز وعند قراءة القرآن وعند القتال .

وما يفعله بعض الناس الآن من رفع الصوت بالذكر أو بغيره من الكلام في أثناء الجنازة لا يتفق مع صحيح الشرع وما كان عليه سلفنا الصالح ، فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه بينما كان يسير في جنازة إذ سمع قائلا يقول : استغفروا للميت غفر الله له ، فقال له ابن عمر : لا غفر الله لك ، منكرا عليه رفع صوته، ومخالفته لما يجب أن يكون عليه في هذه الحال من تدبر وتفكر واتعاظ بالموت .

ويجوز المشي أمام الجنازة ، أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها ، وذلك لما رواه أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :” الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها .”.

أما عن الركوب عند تشييع الجنازة ، فإن كان لعذر فلا بأس به ، كأن تكون المقابر بعيدة عن البلد ، أو كان بعض المشيعين يشق عليهم المشي لمرض أو لكبر سن ، أو غير ذلك ، فإن كان الركوب لغير عذر فإنه يكون مكروها ، لحديث ثوبان أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أُتِي بدابة وهو مع جنازة فأبى أن يركبها ، فسئل عن ذلك فقال :” إن الملائكة كانت تمشي ، فلم أكن لأركب وهم يمشون ، فلما ذهبوا ركبت . كما روي عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه خرج مع جنازة أبي الدحداح ماشيا، ثم رجع راكبا على فرس.

ومن السنة أن يكون الراكب خلف الجنازة ، سواء أكان يركب سيارة أم دابة أم غيرها . لحديث أنس السابق :” الراكب يسير خلف الجنازة ، والماشي يمشي خلفها ، وأمامها وعن يمينها وعن يسارها خلفا منها .” . أ.هـ

والله أعلم .