لا يجوز للولي أن ينكح ابنته من تارك الصلاة، وإن فعل ذلك فقد اقترف جرما خطيرا وباء بإثم عظيم، لأن من شروط النكاح الكفاءة، وتارك الصلاة ليس كفئا للمرأة الصالحة، ومن فرط في دينه هان عليه كل شيء وكان لما سواه أضيع.

وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين:
إن واجب الآباء النظر والفحص في أحوال من يتقدم لخطبة بناتهم وأن يجعلوا المعيار للقبول والرد هو ما قرره الشرع فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي وابن ماجة ، وقال الشيخ الألباني : حسن.
وجاء في الحديث عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا: وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ثلاث مرات . رواه الترمذي وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني.، وهذا الحديث يقرر أصلاً مهماً في الزواج وهو اعتبار الكفاءة في الدين فإن تارك الصلاة ليس كفؤاً للمرأة الصالحة المصلية وتارك الصلاة لا ينبغي أن يزوج لأن أمره دائر بين الكفر والفسق على اختلافٍ بين العلماء في حاله .

قال العلامة ابن القيم: [لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة ].
قال الله تعالى مخبراً عن أصحاب الجحيم :( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) المدثر الآيتان 42-43.
وقال الله تعالى :( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) سورة مريم الآية 59 .
وقد وردت أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الترهيب من ترك الصلاة تعمداً وكذلك آثار عن الصحابة والسلف أذكر طائفة منها : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم .

وجاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال :(عُرَى الإسلام وقواعد الدين ثلاث عليهن أٌسُ الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان) وإسناده حسن كما قال المنذري والهيثمي .

وعن عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه قال: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) رواه الترمذي والحاكم وصححه . وقال الشيخ الألباني : صحيح .
وعن أم أيمن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا تترك الصلاة متعمداً فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله ) رواه أحمد والبيهقي وصححه الشيخ الألباني .

فترك الصلاة الذي هو من كبائر الذنوب قد صار أمراً عادياً في مجتمعنا ولا يثير في نفوساً شيئاً ولا يحرك ساكناً ولا يعتبره كثير من الناس وبعض المشايخ مما يطعن في شخصية تارك الصلاة بل إن بعض هؤلاء يتعاملون مع تارك الصلاة بكل الحب والاحترام والتقدير الذي لا يحظى به كثير من عباد الله المصلين المحافظين على حدود الله فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ويجب التأكيد على أن تارك الصلاة لا يجوز أن يزوج والولي أباً كان أو أخاً إن أجبر ابنته أو أخته على الزواج من تارك للصلاة فقد ارتكب جرماً عظيماً، وقد ورد عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: [من زوج ابنته لتارك صلاة فكأنما ألقاها في نار جهنم]. فتارك الصلاة أقل أحواله أنه فاسق والفاسق ليس كفئا للمرأة المصلية الملتزمة بشرع الله، وتارك الصلاة هذا يجب أن ينصح وأن يعاد عليه النصح مراراً وتكراراً لعله يعود ويرجع ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى .