من مفاخر هذا الدين الحق اهتمامه بالحيوان حتى لو كان نجسا محرم الأكل؛ فكيف إذا كان مباحا طيبا، فهذا رجل غفر الله له؛ لأنه سقى كلبا وروى غلته وأنقذه من موت محقق، وهذه امرأة دخلت النار في هرة حبستها ، فلا هي أطعمتها ، ولا هي تركتها تبحث عن لقمة تسد بها جوعتها.

ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم  حمرة  – طائر صغير كالعصفور أحمر اللون -ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض باحثة عن أولاد لها ، فرقًّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لحالها، وقال لأصحابه مستنكرا: ” من فجع هذه بولدها ؟ ! ردوا ولدها إليها”.

ويبلغ الأمر مداه ، حينما يرسل الله ملكا من السماء لحقن دماء النمل!!! وتحريما للتعدي على النمل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأُحرقت فأوحى الله إليه : قرصتك نملة فأحرقت أمة من الأمم تسبح ، فهلا نملة واحدة!!!

ومن هنا، فمن يستريب في عملية إطعام الطيور قسرا – تزغيط البط- تخوفا من أن يكون عمله هذا إيذاء للحيوان، وتخوفا من أن يؤاخذه الله على تعديه على مجرد بطة….من يستريب في هذا فهو رجل يعلم مباديء دينه جيدا ، ويعلم مدى طلاقة قيمة الرفق والرحمة في هذا الدين العظيم.

ثبت في صحيح البخاري عن أبى أمامة ( الصحابي) أنه قال: ” كنا نسمن الأضحية وكان المسلمون يسمنون” واستدل الإمام النووي والشوكاني وغيرهما على جواز تسمين الحيوان، وكره ذلك بعض العلماء ، ومن أجاز شرط أن لا يتضرر الحيوان بذلك.

وعلى ذلك، فقد يجوز إطعام الحيوان فوق طاقته بشرط أن لا يتضرر الحيوان من ذلك، وهذا يستلزم أن يكون هذا الأمر تحت إشراف الطبيب العارف بأمراض الحيوانات أو سؤاله على الأقل؛ لأن الحيوان  يتضرر ولا ينطق، والطبيب هو الذي يخبر بتضرره.

جاء في مواهب الجليل للحطاب :-

قال البرزلي : واختلف في تسمين الأضحية فقال عياض : الجمهور على جوازه , وكرهه ابن شعبان لمشابهة اليهود ……

ومثله تسمين الحيوان للأعياد الذي لا يؤدي إلى ضرر الحيوان جائز , وحكاه عياض عن الجمهور , وخالفه ابن شعبان , وكرهه انتهى . ويشهد لجواز تسمين الحيوان ما في أول سماع القرينين من كتاب الذبائح قال سحنون : سمعت أشهب وابن نافع يقولان : سمعنا الحسن بن عبد الملك المخزومي يحدث ما كان أبو الحويرث حدثه أن محمد بن جبير بن مطعم أمر بثلاث ديكة له أن تسمن حتى إذا امتلأت شحما أمر غلاما له أن يذبحها , فذبحها من أقفيتها فلما نظر إليها أبو مطعم قال : إني لأظنه حرمانها ( يبدو أن الصواب حرمنيها بسبب ذبحه الخطأ” فقلت له كلا فخرجت معه إلى ابن المسيب حتى سأله فقال : لا تأكل فقيل لمالك أترى ما قال سعيد لا أكل قال : نعم انتهى , فانظر هذه الجماعة كلهم قد علموا بتسمين الديكة , ولم ينكره أحد وكذلك ابن رشد والله أعلم . انتهى .

وقال المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف:-

قال الشيخ عبد القادر في الغنية : يكره إطعام الحيوان فوق طاقته , وإكراهه على الأكل على ما اتخذه الناس عادة لأجل التسمين.