هناك أسباب كثيرة تدعو المسلم لحب النبي ﷺ.
منها أن الرسول ﷺ ناصح أمين لأمته، فعلى يديه استقبل الناس الوحي الذي هو نجاة لهم من الظلمات وطريق لهم للنور قال تعالى : لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
ومنها : كمال رأفته ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها فقد قال الله تعالي واصفا هذه الرأفة والرحمة بقوله : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم .
وقد أوجب الله على المسلمين محبة النبيﷺ وطاعته ، وجعل طاعة الرسول من تمام طاعة الله تعالى فقال تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . وقال أيضا : من أطاع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً .
وعندما سمع الصحابة قول النبي ﷺ :
: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما..)).
أحبوا الرسول ﷺ حبًّا ملأ عليهم أفئدتهم ، وحبهم له ليس كحبهم لأنفسهم بل أشد من حبهم لأنفسهم ، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه :
عن عبد الله بن هشام: كنا مع النبي وهو آخذ بيده عمر فقال عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال: ((لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، قال عمر: فإنه الآن، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال: الآن يا عمر)).
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعلمون أبنائهم من الصغر حب النبي ﷺ حتى ينشأ الطفل وهو يحمل حب النبي ﷺ .
وتنشئة الأطفال على حب النبي ﷺ يكون على عدة طرق يذكرها فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد:
1 – أن نقص على أطفالنا ما ورد من قصص أطفال الصحابة في عهده ﷺ ، وقتالهم لمن يؤذيه ، وسرعة استجابتهم لندائه ، وتنفيذ أوامره ، وحبهم لما يحبه ﷺ ، وحفظهم للأحاديث النبوية .
2 – أن يحاول الوالدان أن يحفّظوا أولادهم ما تيسر من الأحاديث ، ويكافؤهم على الحفظ ، ومما ورد في ذلك قول الزبيري : كانت لمالك بن أنس ابنة تحفظ علمه – يعني الموطأ – وكانت تقف خلف الباب ، فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه .
وعن النضر بن الحارث قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : قال لي أبي : يا بُني اطلب الحديث ، فكلما سمعتَ حديثاً وحفظتَه فلك درهم فطلبتُ الحديث على هذا .
3 – أن يشرحوا لهم ما يناسب إدراكهم من سيرة المصطفى ﷺ ومغازيه ، وسير الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم ، حتى ينشأوا على حب هؤلاء الصفوة ، ويتأثروا بسلوكهم ، ويتحمسوا للعمل والإخلاص في سبيل تقويم أنفسهم ونصر دينهم .
ولقد حرص الصحابة والسلف على دراسة سيرة النبي ﷺ ، وتلقينها لأطفالهم ، حتى إنهم لَيُقرئونها مع تعليم القرآن ، لأنها الترجمان لمعاني القرآن مع ما فيها من إثارة العاطفة ، ومشاهدة الواقع الإسلامي ، ولما لها من تأثير عجيب في النفس ، ولما تحمل في طياتها من معاني الحب والجهاد في إنقاذ البشرية من الضلال إلى الهدى ، ومن الباطل إلى الحق ، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام .
ولابد أن ينتقي الأب أو الأم وهما يقصان على الأطفال من سيرة الرسول ﷺ وحياة الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم ما يثير وجدانهم مثل :
طفولته ﷺ ، وبعض حياته عند حليمة السعدية ، وكيف أغدق الله تعالى الخير والنعم على حليمة وأسرتها بسبب ﷺ ، وليلة الهجرة كيف أغشى الله أبصار المشركين ، وغير ذلك من الجوانب التي تظهر العناية الربانية به ، فيمتلأ قلب الطفل أو الطفلة بحب الله عز وجل وحب رسوله ﷺ ، ، وحبذا لو خصص الوالدان لسيرة رسول الله ﷺ وقتاً مناسباً من درس الأسرة اليومي ، يقوم فيه الأطفال بالقراءة من الكتب المبسطة ، أو ينتقي منها الأب أو الأم ما يلائم سن الأطفال .