اخْتَلَفَ أَصْحَابُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فِي الصّلاَةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ: فلَمْ يَرَ بَعْضُهُمُ الصّلاَةَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ ، ورُوِي عنْ غَيْرِ وَاحِدٍ منْ أَصحابِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أَنّهُمْ كانُوا يُصَلّونَ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ رَكعَتَيْنِ، بَيْنَ الأذَانِ والإقامَةِ .

والراجح أن هذه الصلاة صلاة مستحبة ويراعى فيها التخفيف ، وثبت في البخاري عن أنس قال:

لقد رأيت كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند المغرب، وزاد شعبة، عن عمرو، عن أنس: حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء.

قال عثمان بن جبلة، وأبو داود، عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل.

وأخرج مسلم في صحيحه في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب، وَقَالَ أَحمدُ وَإِسْحَاقُ: إِنْ صَلاّهُمَا فَحَسَنٌ. وَهَذَا عِنْدهُمَا عَلَى الاسْتِحْبَابِ.

قال صاحب تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي :

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مغفل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا قبل صلاة المغرب ركعتين. قال في الثالثة : لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة كذا في المشكاة. والحديث دليل على جواز الركعتين بعد أذان المغرب وقبل صلاته وهو الحق .

زاد مسلم حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما.

وفي رواية النسائي قال : كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي قيام الليل لمحمد ابن نصر المروزي عن أبي الخير رأيت أبا تميم الجيشاني يركع الركعتين حين يسمع أذان المغرب فأتيت عقبة بن عامر الجهني فقلت له : ألا أعجبك من أبي تميم الجيشاني عبد الله بن مالك يركع ركعتين قبل المغرب ، وأنا أريد أن أغمصه [غمص الناس أي : ازدراهم واحتقرهم]، فقال عقبة : إنما كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يمنعك الاَن ؟ قال : الشغل.
وعن زر: قدمت المدينة فلزمت عبد الرحمن بن عوف وأبي بن كعب فكانا يصليان ركعتين قبل صلاة المغرب لا يدعان ذلك.
وعن رغبان مولى حبيب بن مسلمة قال: لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يهبون إليهما كما يهبون إلى المكتوبة يعني الركعتين قبل المغرب.
وعن خالد بن معدان أنه كان يركع ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب لم يدعهما حتى لقي الله ، وكان يقول : إن أبا الدرداء كان يركعهما ويقول : لا أدعهما وإن ضربت بالسياط.

وقال عبد الله بن عمرو الثقفي : رأيت جابر بن عبد الله يصلي ركعتين قبل المغرب.
وعن يحيى بن سعيد أنه صحب أنس بن مالك إلى الشام فلم يكن يترك ركعتين عند كل أذان.
وسئل قتادة عن الركعتين قبل المغرب فقال : كان أبو برزة يصليهما. وكان عبد الله بن برزة ويحيى بن عقيل يصليان قبل المغرب ركعتين. وعن الحكم رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي قبل المغرب ركعتين. وسئل الحسن عنهما فقال : حسنتين والله جميلتين لمن أراد الله بهما.

وعن سعيد بن المسيب حق على كل مؤمن إذا أذن أن يركع ركعتين. وكان الأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير يركعانهما. وأوصى أنس بن مالك ولده أن لا يدعهما. وعن مكحول على المؤذن أن يركع ركعتين على إثر التأذين. وعن الحكم بن الصلت رأيت عراك بن مالك إذا أذن المؤذن بالمغرب قام فصلى سجدتين قبل الصلاة. وعن عبيد الله بن عبد الله بن عمر إن كان المؤذن ليؤذن بالمغرب ثم تقرع المجالس من الرجال يصلونهما.أهـ

فبناء على هذا فصلاة تحية المسجد قبل المغرب مستحبة ، ويراعى فيها التخفيف .