اختلف الفقهاء في أن يحرم الإنسان على نفسه شيئًا ،فقال البعض :لا شيء عليه في أن يحرم على نفسه ،إلا الزوجة .وقال آخرون :فيه كفارة يمين .وقال فريق ثالث:لاشيء عليه إطلاقًا ؛لأنه لا يجوز لإنسان أن يحرم على نفسه ما أحل الله تعالى.

حكم تحريم ما أحل الله

قال الإمام القرطبي في تفسيره :

قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) التحريم /1 – 2. قوله تعالى: “لم تحرم” إن كان النبي حرم ولم يحلف فليس ذلك بيمين عندنا.
ولا يحرم قول الرجل: “هذا علي حرام” شيئًا حاشا الزوجة.
وقال أبو حنيفة: إذا أطلق حمل على المأكول والمشروب دون الملبوس، وكانت يمينًا توجب الكفارة.
وقال زفر: هو يمين في الكل حتى في الحركة والكون.
وعول المخالف على أن النبي حرم العسل فلزمته الكفارة.
وقد قال الله تعالى: “قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم” [التحريم: 2] فسماه يمينًا.
ودليلنا قول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا” [المائدة: 87]، وقوله تعالى: “قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون” [يونس: 59].
فذم الله المحرم للحلال ولم يوجب عليه كفارة.
قال الزجاج: ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله.
ولم يجعل لنبيه أن يحرم إلا ما حرم الله عليه.
فمن قال لزوجته أو أمته: أنت علي حرام; ولم ينو طلاقًا ولا ظهارًا فهذا اللفظ يوجب كفارة اليمين.
ولو خاطب بهذا اللفظ جمعًا من الزوجات والإماء فعليه كفارة واحدة.
ولو حرم على نفسه طعامًا أو شيئًا آخر لم يلزمه بذلك كفارة عند الشافعي ومالك.
وتجب بذلك كفارة عند ابن مسعود والثوري وأبي حنيفة.انتهى

والخلاصة أن الأظهر أنه لاشيء عليها ،فهذا ليس بنذر،وإن رأت أن تجعله يمينًا ،وتكفر عنه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام فلها،وإن رأت أن لاشيء فيه ،فهي بالخيار.

ما حكم من حرم شيئا على نفسه

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

فكل من حرّم حلالا عليه، من طعام أو شراب ، أو حلف يمينا بالله، على فعل أو ترك، ثم حنث أو أراد الحنث: فعليه الكفارة ” انتهى من “تفسير السعدي .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

” لو حرم الإنسان شيئا مما أحل الله له فإنه يُنهى عن هذا.

ولكنه إذا فعل فإن لهذا الفعل حلا، وهو أن يُكَفِّر كفارة يمين ثم يعود إلى ما حرّمه على نفسه.

مثال ذلك لو قال: حرام علي أن أدخل بيت فلان، ثم أراد أن يدخله، نقول: ادخل البيت وكَفِّر كفارة يمين؛ لأن الله قال: ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ )…

فكل شيء أحله الله إذا حرمه الإنسان فإن له حكم اليمين، يكفر كفارة اليمين ثم يفعله.