لم يرد تحديد الزمن الذي بين كل رسولين، لا في القرآن ولا في السنة، مع العلم بأن عدد الرسل كبير، والذي جاء ذكرهم في القرآن خمسة وعشرون فقط، قال تعالى: ( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُم عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) ( سورة النساء : 164 ) وقال ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِن قَبِلِكَ مِنهُم مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَن لَم نَقْصُصْ عَلَيْك ) ( سورة غافر : 78 ) .

وحاول بعض المؤرخِّين تحديد الفترات التي بين الرُّسل، مثل محمد بن سعد في كتابه ” الطبقات ” فذكر عن ابن عباس ـ رضِي الله عنهما ـ أنه قال :

كان بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة، ولم يكن بينهما فترة، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم.

وكان بين ميلاد عيسى والنبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، بُعِث في أولها ثلاثة أنبياء، وهم في قوله تعالى:( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهُمُ اثْنَينِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) ( سورة يس :14 ) والذي عزّز به ” شَمْعُون ” وكان من الحواريِّين، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولاً أربعمائة سنة وأربعًا وثلاثين سنة.

وذكر الكلبي أن بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة سنة وتسعًا وستين، وبينهما أربعة أنبياء، واحد من العرب من بني عبس، وهو خالد بن سِنان. قال القشيري: ومثل هذا لا يُعلم إلا بخبر صادق. وقال قتادة: كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة، وقاله مقاتل والضحاك ووهب بن منبه، إلا أن وهبًا زاد عشرين سنة، وعن الضحّاك أيضا أربعمائة وبضع وثلاثون سنة.

وذكر ابن سعد عن عكرمة قال: بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام، قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمرو بن واقد الأسلمي عن غير واحد قالوا: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، والقَرْن مائة سنة، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون، والقرن مائة سنة، وبين إبراهيم وموسى بن عمران عشرة قرون، والقرن مائة سنة، فهذا ما بين آدم ومحمد عليهما السلام من القرون والسنين ” تفسير القرطبي ج6 ص 121 ” وهي كلها أخبار لا يسندها دَليلٌ معتبر.