تبييت النية كل ليلة في صوم أيام رمضان مسألة محل خلاف بين الفقهاء ، فذهب جمهور الحنفية والشافعية والمشهور عند الحنابلة إلى وجوب تبييت النية كل ليلة، وتركها يوجب القضاء، وذهب المالكية ورواية أخرى للحنابلة إلى أنه تكفي نية واحدة لجميع الشهر، والأولى هو أن يستجمع المرء نية الصيام خروجا من الخلاف.

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان:
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه”.
وقد احتج جمهور العلماء من الحنفية، والشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة بهذا الحديث الشريف على وجوب نية الصوم لكل يوم من أيام شهر رمضان؛ لأن صيام كل يوم عمل مستقل، والعمل كما جاء في هذا الحديث لا يصح إلا إذا كان مصحوبًا بالنية، ولابد أن يُبَيِّتَ النية من الليل، من غروب الشمس إلى مطلع الفجر، فإذا نسي استحضار هذه النية حتى طلع الفجر، فعليه أن يمسك عن الإفطار، ويصوم بقية اليوم، وعليه القضاء لهذا اليوم، لحديث حفصة ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: “من لم يُبَيِّت الصيام من الليل، فلا صيام له”. وفي لفظ عند ابن حزم: “من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له. أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي.
وفي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له. قال الدارقطني بعد إخراج هذا الحديث: إسناده كلهم ثقات.

وذهب الإمام مالك والإمام أحمد في رواية أخرى عنه: بأنه تجزئ نية واحدة عن صيام شهر رمضان، إذا نوى صيام جميعه في أول ليلة منه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإنما لكل امرئ ما نوى). وهذا قد نوى صيام جميع الشهر؛ ولأن رمضان بمنزلة العبادة الواحدة، إذ الفطر في لياليه عبادة أيضًا، إذ يستعان به على صوم نهاره، وقد قال بهذا القول أيضًا الإمام إسحاق بن راهويه، وأبو الوفا بن عقيل، من علماء الحنابلة، لكن قال هذا الفريق: إنه وإن كان يجزئ نية واحدة للشهر كله، إلا أنه يستحب أن تُجدد النية لكل يوم من أيام الشهر.