هذا الموضوع ينبني على شقين الشق الأول: جواز استئجار السيارات. الثاني: مخالفة القوانين المنظمة لعملية النقل.

أولا – جواز استئجار السيارات:

حمل الفقهاء إجارة وسائل النقل الحديثة، ومنها السيارات على إجارة الدواب، وقد أجاز الفقهاء إجارة الدواب.

جاء في المغني لابن قدامة المقدسي: 

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة، ولا بد من مشاهدته وتحديده؛ فإنه لا يصير معلوما إلا بذلك، ولا يجوز إطلاقه، ولا وصفه.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

“لم يتعرض الفقهاء الأقدمون لبيان أحكام استئجار وسائل النقل الحديثة من سيارات وطائرات وسفن كبيرة، وإنما تعرضوا لاستئجار الدواب والأشخاص والسفن الصغيرة.

ومما تقدم يتبين أن أحكام استئجار الدواب والسفن الصغيرة والأشخاص ترجع كلها إلى الأحوال الآتية : إجارة مشتركة، أو إجارة خاصة، أو إجارة في الذمة، أو إجارة عين موصوفة، أو إجارة على العمل، سواء كانت مع المدة أو بدونها.

وقد بيَّن الفقهاء كل هذه الأحكام على ما تقدم. ويمكن تطبيقها على وسائل النقل الحديثة، لأنها لا تخرج عن هذه الأحوال التي ذكرناها. وإذا كان هناك اختلاف في بعض الأحوال، كاختلافهم في تعين الراكب، فإن هذا يرجع فيه إلى العرف. فلا فرق بين شخص وآخر في استئجار سيارة أو طائرة، بخلاف الدابة، فإنها تتأثر بالأشخاص ضخامة ونحافة – وأما ما يصحبه الراكب من المتاع فرجع ذلك إلى الشرط. فإن لم يكن فالحكم العرف. وأما استحقاق الأجرة، سواء على نقل الأشخاص أو الأمتعة، فالمرجع أيضا إلى الشرط. وإلا فالعرف. أهـ

ثانيا – مخالفة القوانين المنظمة:

إذا كان تأجير السيارات يقع في دائرة المباح فإن للحاكم تقييد المباح ولا سيما إذا كانت المصلحة ظاهرة راجحة، فإذا وضعت الدولة قوانين تنظم أمر استئجار وسائل النقل الحديثة فعلى المسلمين أن يلتزموا بها، وذلك لأنها لم تخالف نصاً شرعياً، حيث أنَّ المختصين قد رأوا عدم السماح للسيارات الخاصة العمل في نقل الناس أو الأمتعة، إلا عن طريق المكاتب المختصة بذلك كما اشترطوا شروطا في السيارات التي تعمل في هذه المهنة، وفي قائدي هذه السيارات وسنوا جملة من القوانين المنظمة لهذا العمل حتى لا تعم الفوضى، وتكثر الحوادث، ومن هذه الإجراءات التشديد في استخراج رخصة القيادة لمن يريد أن يعمل في هذه المهنة، والتشديد على أمن ومتانة سيارات الأجرة، وفي مخالفة هذه القوانين فيه إضرار بمصالح الناس، وفي الإسلام المصلحة الجماعية تتقدم على المصلحة الفردية، وتعريض الناس للأخطار، فمنع مالك السيارة الخاصة من استخدامها في نقل الناس بأجر من باب ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ولهذا يجب طاعة أولي الأمر في هذا الأمر لقوله تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ” (النساء:59).