الطعام يشمل كل ما تجب فيه الزكاة من الحبوب والأُدم بجميع أنواعها، كالزيت والعسل ونحوهما. وبيع الطعام قبل قبضه فاسد وحرام باتفاق الفقهاء لأحاديث كثيرة ورادة فيه، منها:

حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا ابتعت طعامًا فلا تبعه حتى تستوفيه”([1]). ومنها حديث أبي هريرة عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من اشترى طعامًا، فلا يبيعه حتى يكتاله” ومنها حديث آخر لجابر قال : “نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاعُ البائع، وصاع المشتري”([2])

قال الشوكاني: واستدل بهذه الأحاديث على أن من اشترى شيئا مكايلة وقبضه ثم باعه إلى غيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا ، وإليه ذهب الجمهور كما حكاه في الفتح عنهم قال ، وقال عطاء : يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا ، وقيل : إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول ، وإن باعه بنسيئة لم يجز بالأولى ، والظاهر ما ذهب إليه الجمهور من غير فرق بين بيع وبيع للأحاديث المذكورة في الباب التي تفيد بمجموعها ثبوت الحجة ، وهذا إنما هو إذا كان الشراء مكايلة.([3])

والسبب في عدم صحة هذا البيع: عدم القدرة على تسليم المبيع، ولأن ملك بائعه الثاني غير مستقر على المبيع قبل قبضه، لأنه ربما هلك، فانفسخ العقد، وفيه غرر (احتمال عدم التسليم) من غير حاجة، فلم يجز، فكانت العلة في منع هذا البيع هي الغرر، كما أن في هذا البيع شبهًا بالربا، لأن المشتري الأول إذا دفع دراهمه إلى البائع في سلعة، ثم عمد إليها، فباعها قبل أني قبضها، فكأنما دفع دراهمه، واستفاد بها ربحًا، بمجرد دفعها إلى البائع دون القيام بعمل ما، وهذا شبيه بالربا، فتكون علة النهي عن بيع الشيء قبل قبضه شيئين: الغرر والربا. قال ابن عباس حينما سئل عن بيع ما لا يقبض، فقال: “ذلك درهم بدراهم، والطعام مرجأ”.

[1]- رواه أحمد ومسلم.

[2]- رواه ابن ماجة والدراقطني.

[3]-  منتقى الأخبار مع نيل الأوطار 5/161.