معنى الاستنساخ:

يحسن أن نبين معنى الاستنساخ؛ حتى نبني عليه بيان الحكم الشرعي فيه: الذي حدث في استنساخ النعجة دوللي الشهيرة هو أنه أُخذت بويضة نعجة، ونزعت منها النواة ثم جيء بخلية من ضلع نعجة أخرى نُزعت منها النواة، ثم وضعت في بويضة النعجة الأولى بدلاً من النواة التي نزعت منها، ثم سُلّط تيار كهربائي في المعمل على البويضة والنواة الجديدة فالتحما، ثم بدأت تنقسم إلى خليتين ثم أربع ثم ثماني، وكانت المفاجأة هنا؛ إذ إنه تبين أن هذا بداية تكوين جنين، فأُخذت هذه البويضة (النواة المنقسمة إلى عدة خلايا) ووضعت في رحم نعجة ثالثة، واستمر الحمل ووُلدت النعجة دوللي؛ فالاستنساخ إذن ليس فيه حيوان منوي يخصب بويضة أنثى، وإنما يستعان فيه بنواة من خلية لتوضع في بويضة نُزعت نواتها؛ فهل هذا العمل العلمي يمكن أن يباح فيه إنجاب الإنسان؟

عملية الاستنساخ هل يمكن أن يباح فيها انجاب الإنسان:

الصور التي يمكن أن تحدث في هذا المجال خمس صور، الصورة الأولى: أن تكون النواة مستجلبة من خلية أنثى أخرى، أي يكون هذا العمل بين أنثيين كما حدث في مجال الحيوان، بالنسبة للنعجة دوللي.
الصورة الثانية: أن تكون النواة من الأنثى نفسها، أي أنه يمكن أن يحدث استنساخ من نواة من خلية من المرأة ذاتها

الصورة الثالثة: أن تكون النواة مستجلبة من خلية ذكر حيوان -غير إنسان-، وهذا العمل تُجرى عليه التجارب في الغرب الآن.
الصورة الرابعة: أن تكون النواة من ذكر، أي من رجل ليس زوجًا للمرأة.
الصورة الخامسة: أن تكون النواة مستجلبة من رجل هو زوج للمرأة.

حكم كل صورة من صور الاستنساخ:

أما الصورة الأولى، وهي ما إذا كانت النواة مستجلبة من أنثى لأنثى، فهو حرام شرعا، كما يغلب على ظني والأدلة متعددة:
أولا: يوجد في علم أصول الفقه الإسلامي من الاستدلالات ما يسمى بدلالة النص، ونجد هنا أن الشريعة الإسلامية تحرم الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد؛ فمن المعلوم أنه يحرم اللواط بين الرجال، كما يحرم السحاق بين النساء؛ وعلى هذا فيكون الإنجاب محرمًا بدلالة النص؛ لأنه إذا كان الإسلام يحرم مجرد استمتاع الأنثى بالأنثى جنسيًا -وهو ما يسمى بالسحاق- فإنه يكون من باب أولى محرّمًا للإنجاب بين الأنثى والأنثى، ويوضح هذا أننا نعلم أنه لا يجوز استمتاع الرجل بأمه مثلاً أو بأخته أو خالته أو عمته، فهل يجوز أن ينجب منها؟ بالطبع الإجابة بالنفي من باب أولى.
ثانياً: من المعلوم أن الإسلام حرّم الضرر، سواء كان بالنفس أو بالغير، وتوجد عدة نصوص شرعية تبين أن الضرر ممنوع، سواء كان في القرآن الكريم أو في سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسينتج عن عملية الاستنساخ بين امرأة وامرأة، مولدة أنثى، لن يكون لها أب، أو جد، أو عم، وهذا في الإنسان يؤدي إلى ألم نفسي؛ فما معنى أن ينشأ إنسان ليس آباء ولا جدود ولا أعمام، فتنشأ الطفلة بإحساس أنها ليست كسائر بنات جنسها، وهذا يؤدي إلى الألم النفسي، والألم النفسي نوع من الأضرار الممنوعة شرعًا.

أما الصورة الثانية: وهي الاستنساخ بخلية من المرأة نفسها، فممنوعة شرعًا أيضًا؛ للضرر النفسي الذي بيّنّاه أيضًا.
وأما الصورة الثالثة: وهي الاستنساخ بين الحيوان والإنسان، من البديهي أن هذا عبث، وقد ينتج عنه مولود لا يكون على الفطرة السوية الإنسانية، بل لا ندري علام سيكون، وهو تشويه لخلق الله عز وجل.
وأما الصورة الرابعة: وهي إذا تم الاستنساخ بين امرأة وخلية رجل ليس زوجها وهذا أيضا حرام؛ لأنه في معنى الزنا؛ لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب؛ لأن البويضة من المرأة وضعت فيها نواة من غير زوجها وهذا غير مشروع.
وأما الصورة الخامسة: وهي ما إذا كان الاستنساخ من نواة أُخذت من الزوج ووضعت في بويضة الزوجة، فمن المحتمل أن يكون هذا مشروعا في حالة الضرورة.