الخلع تبين المرأة من زوجها بينونة صغرى، وجعل الرجعة في يد الزوج مما ينافي مصلحة المرأة في رفع الضرر عن نفسها، فإذا أراد الزوج أن يراجع زوجته فأصحاب المذاهب الأربعة يمنعون هذا، وذهب بعض أهل العلم إلى أنهم إذا ارتضوا رد الزوج على المرأة ما أخذه منها وارتجعها في عدتها، فإذا انتهت عدتها له أن يعقد عليها عقدا جديدا .
جاء في المغني لابن قدامة:
فصل: ولا يثبت في الخلع رجعة، سواء قلنا : هو فسخ أو طلاق. في قول أكثر أهل العلم; منهم الحسن وعطاء وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وإسحاق.
وحكي عن الزهري وسعيد بن المسيب أنهما قالا : الزوج بالخيار بين إمساك العوض ولا رجعة له وبين رده وله الرجعة.
وقال أبو ثور إن كان الخلع بلفظ الطلاق، فله الرجعة ; لأن الرجعة ; من حقوق الطلاق، فلا تسقط بالعوض، كالولاء مع العتق.
ولنا، قوله سبحانه وتعالى:( فيما افتدت به). وإنما يكون فداء إذا خرجت به عن قبضته وسلطانه، وإذا كانت له الرجعة، فهي تحت حكمه، ولأن القصد إزالة الضرر عن المرأة، فلو جاز ارتجاعها، لعاد الضرر، وفارق الولاء ; فإن العتق لا ينفك منه، والطلاق ينفك عن الرجعة فيما قبل الدخول، وإذا أكمل العدد.
جاء في زاد المعاد لابن القيم ( زاد المعاد [ جزء 5 – صفحة 178 ] )
فإذا تقايلا الخلع ورد عليها ما أخذ منها وارتجعها في العدة فهل لهما ذلك ؟ منعه الأئمة الأربعة وغيرهم وقالوا : قد بانت منه بنفس الخلع وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال في المختلعة : إن شاء أن يراجعها فليرد عليها ما أخذ منها في العدة وليشهد على رجعتها قال معمر : وكان الزهري يقول مثل ذلك قال قتادة : وكان الحسن يقول : لا يراجعها إلا بخطبة.
ولقول سعيد بن المسيب والزهري وجه دقيق من الفقه لطيف المأخذ تتلقاه قواعد الفقه وأصوله بالقبول ولا نكارة فيه غير أن العمل على خلافه فإن المرأة ما دامت في العدة فهي في حبسه ويلحقها صريح طلاقه المنجز عند طائفة من العلماء فإذا تقايلا عقد الخلع وتراجعا إلى ما كانا عليه بتراضيهما لم تمنع قواعد الشرع ذلك وهذا بخلاف ما بعد العدة فإنها قد صارت منه أجنبية محضة فهو خاطب من الخطاب ويدل على هذا أن له أن يتزوجها في عدتها منه بخلاف غيره.