دراسة المذهب شيء، وتقليده في كل شيء شيء آخر، فإنه لا يسوغ للمسلم أن يقلد إماما واحدا، بحيث يأخذ منه كل شيء، ويدع من عداه، فإن الحق لم يحتكره أحد، ولكنه توزع على هذه المذاهب وغيرها من كافة المجتهدين، وسيتعلم الدارس – إن شاء الله- أن أحدا من هذه المذاهب لم يحتكر الحقيقة المطلقة، وأن كل مذهب يؤخذ منه ويرد، والذي لا يرد، هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن استطاع أن يدرس المذاهب كلها فليفعل، وإن لم يستطع فقد يكون الأوفق له أن يدرس أولا المذهب الحنبلي، بسبب أن كتبه سهلة، وقد ابتعد عدد منها عن لغة الحواشي والتقريرات التي يكل منها الذهن، هذا فضلا عن كثرة الكتب العصرية التي ألفت خدمة لهذا المذهب.

ولا يحسب أنه  من السهل أن يدرس وحده فإن ذلك عرضة لأن يزل ويضل، فربما فهم الأمر على غير وجهه، وحتى إذا فهمه على وجهه، فمن أين سيعرف أنه أصاب الطريق، وهذا فضلا عن أن ثمة علوما وخبرات، لا يمكن نقلها عن طريق الكتابة، بل تؤخذ من المشايخ مشافهة ولا بد.

فليستعن كل مسلم بالله، ولا يعجز، ولا يكن وحده، ففي كثير من أهل العلم في المساجد من سيأخذ بيد طالب العلم ويعينه على تعلمه.