يقول فضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي- من علماء المملكة العربية السعودية: –

ينبغي على المرأة الصالحة أن تعي وتدرك أن حنان الوالدين وأن ما في قلبي الوالدين من الرحمة والصلة بالولد فوق الخيال وفوق التصور ، فينبغي أن تقدر هذه العاطفة ،وأن تقدر هذه الرحمة التي قذفها الله في قلب الوالد والوالدة ،ولا يكون هناك ما يبعث على الغيرة أو يبعث على قطع الوالد عن والديه .
ولتكن على علم أنها إذا أرادت أن يبارك الله لها في زوجها ،وأن يقر عينها في بعلها فلتعنه على بر والديه ، على الزوجة إذا كان والدا الزوج بحاجة إلى قرب الولد أن تكون قريبة من والدي الزوج، وأن تقابل والدي الزوج بالمحبة والإجلال والوفاء .

ولقد أباح الله وجعل والد الزوج محرماً لحليلة ابنه حتى يحصل التواد والتراحم والتواصل ،وتنظر المرأة لوالد زوجها وكأنه والد لها، وتنظر إلى والد بعلها وكأنه والد لها فتشفق عليه ،وترعى أموره وتحسن إليه وكذلك لوالدته .

وأكثر ما تقع المشاكل بين الزوجات والأمهات ؛ والسبب في ذلك واضح ، أن أبلغ الحنان وأكمل ما تكون الرحمة من أمةٍ لعبد أو من عبد لعبد أو من أمة لأمه ، إنما هو حنان الأم لولدها ولا تلام في ذلك –فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لما دمعت عيناه على ابنه إبراهيم ، قيل ما هذا يا رسول الله ، قال : (( رحمة أسكنها الله في قلوب عباده )) فالله أسكن في قلب الأم رحمة تحن بها إلى ولدها ،وتصبح فارغة الهم إلا من ولدها ، فما على الزوجة إلا أن تقدر ذلك ، فإذا انطلقت من منطلق الغيرة ،أو وسوس الشيطان لها بالوساوس والخطرات قطعت الوالدة عن ولدها وقطعت الزوج عن أمه وأبيه وعندها تتأذن لسخط الله-والعياذ بالله- وغضبه .

الله أعلم كم من قلب أم تقرح بسبب أذية الزوجة وأضرارها؟!
الله أعلم كم من عين بكت ودمعت بسبب ظلم الزوجة وأذيتها لوالدي الزوج ؟!
الله الله على المرأة المؤمنة أن تخاف الله وتتقيه، وإذا كانت تعين بعلها على الظلم وعلى القطيعة فلتعلم أنه سيأتي يوم يؤذنها الله هي وبعلها بالعقوبة ، فالعقوق لا خير فيه فإنه من الذنوب التي يعجل الله بها العقوبة.

يقول بعض العلماء : إذا كانت المرأة تعين زوجها على عقوق الولدين تجمع بين ذنبين وبين إساءتين :
الذنب الأول : أنها شريكة له في عقوق الوالدين-والعياذ بالله- .
والذنب الثاني : أنها قاطعة للرحم . وجاء في الخبر أنه ما من ذنب أحرى أن تعجل عقوبته في الدنيا مع ما أدخر الله لصاحبه من عقوبة الآخرة من قطعية الرحم ، فقطيعة الرحم عذابها عاجل ، ولذلك قال الله في كتابه : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ @ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } .

فالمرأة التي تعين بعلها على عقوق الوالدين قاطعة لرحمها لا تخاف الله-عز وجل – في زوجها ،ولا تخاف الله في رحمها وما عليها إلا أن تبذل كل ما تستطيع للصبر واحتساب الأجر.
وإذا كانت المرأة ترى من والدي الزوج أمورا توجب لها أن تضر بوالدي الزوج فعليها أن تسأل العلماء ،وأن ترجع لأهل العلم حتى تعلم ما الذي يجب عليها .
ففي بعض الأحيان يتدخل والد الزوجة ، أو والدة الزوجة في شؤون البيت….الأمر الذي يحدث النفرة من الزوج، أو يحدث النفرة عند الزوجة والواجب في مثل هذه المواقف أن ينظر الزوج والزوجة إلى المفاسد فإن وجد مفسدة تدخل والدي الزوجة أعظم من مفسدة إبعادها فحينئذ يبعدها عن والديها ، ويأذن لها بالزيارة في حدودٍ ضيقة حتى تصل وتقوم بحق البر مع الأمن من الأذية والإفساد والإضرار .

وكذلك أيضاً إذا كان والدا الزوج يتدخلان في شؤون الزوجة، وفي شؤون البيت بالإفساد والإضرار والأذية فالمرأة مخيرة بين أمرين :-
إما أن تصبر وتحتسب الأجر فهذا أحسن وأفضل وأكمل.
وإما أن تنظر إلى المفاسد فإن غلبة مفسدة التدخل سألت زوجها أن يبعدها عن والديه ، وعلى الأزواج أن يتقوا الله في زوجاتهم فإذا نظروا أن تدخل الوالدين في شؤون البيت وأمور البيت أنه يحدث للمرأة أذية وإضراراً لا يسعها الصبر عليهما ….فعلى الزوج أن يتقي الله في زوجته ،وأن ينصفها من أهله ووالديه .
وإذا قام بإبعاد زوجته عن والديه فلا يعد عاقاً لوالديه ،ولو سكن بعيداً عن والديه في هذه الحالة المشتملة على الإضرار والأذية مع تفقد الوالدين فإنه لا يعتبر عاقاً لوالديه ؛ لأن الله-عز وجل – لا يأمر بالظلم ولا يرضى بالظلم ، فلا يأمر الله-عز وجل – بالظلم فيقال للرجل : ابق هاهنا إرضاء لوالديك ،والولدان سوطا عذاب على المرأة في أذية وإضرار وظلم وإجحاف ، والعكس كذلك .
وعلى الزوج وعلى الزوجة أن يتقي الله كل منهما في الآخر وأن ينظرا للأمور بمنظارها الشرعي من حيث ترتب المفاسد ووجود المصالح ، وإذا كانت المرأة ترى المفاسد عظيمة واختارت الصبر فهذا أفضل وأعظم أجراً ؛ لأن الله-تعالى- يقول : { فَبَشِّرْ عِبَادِي @ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } . قالوا : أحسنه يعنى أحسن القرآن لأن القرآن فيه حسن وفيه أحسن فحسن القرآن أن ترد المرأة الإساءة بالإساءة والرجل يرد الإساءة بالإساءة ؛ ولكن الأحسن أن يرد الإساءة بالإحسان وذلك لمن قال الله عنه : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } هذا من جهة والدي الزوجة ووالدي الزوج ، أما بالنسبة لبقية القرابة كالإخوان والأخوات ونحو ذلك فعلى كلا الزوجين أن يتقوا الله في القرابة . انتهى.