يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:

لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع شيء يثبت انتفاع الأموات بقراءة غيرهم القرآن عليهم ، والآية ناطقة بأن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله وكسبه ، ومنه ما يبقى أثره أو عينه بعد موته كالصدقه الجارية والعلم النافع والذرية الصالحة ، ولذلك ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم يُنْتَفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم وأصحاب السنن من حديث أبي هريرة .

فهذه الثلاث ملحقة بعمل الإنسان ومعتبرة منه فلا حاجة إلى ما قاله بعضهم من تخصيص عموم قوله تعالى : [ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ] ( النجم : 39 ) بالحديث إذ لا منافاة .

ومثل ذلك يقال فيمن سأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل يتصدق عن أبيه ، ومَنْ سأله هل يتصدق عن أمه ، وإجابته إياهم بنعم ومنهم سعد بن عبادة الذي سأله : أي الصدقة أفضل ؟ فقال : سقي الماء .

ولم يرد مثل ذلك إلا في صدقة الأبناء عن الوالدين ، وقد ألحقوا بهم غيرهم في الصدقة ، ولا دليل على ذلك إلا إذا صح القياس في الأمور التعبدية ، وخصوا الآية بالعبادات البدنية كالصلاة والقراءة .

وقد استدل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى بالآية على أن ثواب القراءة لا يلحق الأموات ، وهو مذهب مالك أيضًا .

وأما حديث ( اقرءوا يس على موتاكم ) فقد رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي وابن حبان وصححه وأحمد بلفظ آخر ، ولكن ابن القطان أعله بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه من رجال سنده ، وقال الدارقطني : هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ، وتصحيح ابن حبان لا يُعول عليه مع هذا الجرح ؛ لأنه كان يتساهل بالجرح فيعتمد جرحه دون تعديله إذا انفرد به كما صرح به الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) على أنه فسره في صحيحه بقراءتها عند المحتضر فقال : ( أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يُقْرَأ عليه ) وخالفه المنتصرون للقراءة على الأموات .