الأصل أن الزوج هو الذي يجب عليه النفقة الزوجية، فهو الرجل القوام ، والله عز وجل يقول : ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ……. (النساء : 34 )
هل يجب على الزوجة مساعدة زوجها ماديا:
إذا تبرعت الزوجة بالعمل مع زوجها فذاك محض فضل منها ، وإذا أحبت المقام في بيتها فلا تلام على ذلك ؛ لأنه الأصل ، على أنها إذا عملت فيجب أن يكون العمل بعيدا عن الاختلاط والفتن والريب والشبهات، ,أن تخرج محتشمة متحجبة.
ولكن الناس بالرغم من ذلك يتعايشون بالود والحب والعشرة ، فيتنازلون عن حقوقهم طواعية ، ويضحون بوقتهم وأموالهم وسعادتهم من أجل إنجاح الحياة الزوجية.
فها هي أسماء بنت أبي بكر تقول :”تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شي غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله ﷺ على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ﷺ ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال ( إخ إخ ) . ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله ﷺ أني قد استحييت فمضى فجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله ﷺ وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك خادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني.
ولكنها تضحية تبقى رهن التطوع والاختيار ، لا نستطيع أن نفرضها باسم الدين.
حكم عمل الزوجة والراتب الذي تأخذه:
ناقش مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة هذا الموضوع ، وخرج بهذا القرار:-
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 30 صفر إلى 5 ربيع الأول 1426هـ ، الموافق 9 – 14 نيسان ( أبريل ) 2005م ،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع اختلافات الزوج والزوجة الموظفة ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يأتي :
أولاً : انفصال الذمة المالية بين الزوجين :
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة ، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها ، ولها ثرواتها الخاصة ، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها ، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها .
ثانياً : النفقة الزوجية :
تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف ، وبحسب سعة الزوج وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعاً ، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز .
ثالثاً : عمل الزوجة خارج البيت :
(1) من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل ، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعاً مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية ، والآداب الشرعية ، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية .
(2) إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعاً ، وفق الضوابط الشرعية ، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المُسقط للنفقة .
رابعاً : مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة :
(1) لا يجب على الزوجة شرعاً المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء ، ولا يجوز إلزامها بذلك .
(2) تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعاً لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين .
(3) يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة .
(4) إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات .
خامساً : اشتراط العمل :
(1) يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به ، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
(2) يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد .
(3) لا يجوز شرعاً ربط الإذن ( أو الاشتراط ) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءاً من راتبها وكسبها .
(4) ليس للزوج أن يُجبر الزوجة على العمل خارج البيت .
سادساً : اشتراك الزوجة في التملّك :
إذا أسهمت الزوجة فعلياً من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به .
(1) للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين ، وهي محددة شرعاً وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم ، والخروج عليها تعدٍ محرم شرعاً .
(2) لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار ، أو ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة .
ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه .