عند جمهور الفقهاء –خلافا للحنفية- الولي ركن من أركان عقد النكاح، واشتراط الولي ليس إجحافا للمرأة ولا انتقاصا من قدرها، ولكن لمصلحة المرأة حتى لا يهضم حقها ولا تقع فريسة لمن لا دين لهم ولا خلاق، وإذا تعسف الولي في استخدام هذه الصلاحية فإن الولاية تنتقل إلى من يليه من الأولياء، فإذا لم يكن للمرأة من ينصفها زوَّجها القاضي.

يقول فضيلة الدكتور يوسف الشبيلي – من علماء السعودية-:

إن اشتراط الولي في النكاح، مسألة اختلف فيها أهل العلم ، فقال جمهور أهل العلم يشترط الولي في النكاح لصحته، وأنه لا يجوز للمرأة أن تعقد بنفسها عقد النكاح، وإنما الذي يتولى عقد النكاح أبوها ؛ أو أخوها حسب ترتيب الأولياء، والخلاف في هذه المسألة معروف والأدلة كثيرة.

والأظهر ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط الولي لصحة النكاح، بدليل قوله تعالى: ( ولا تنكحوا المشركين)، فالخطاب للولي قال: (لا تنكحوا)، مما يدل على أن الأمر مسند إلى الرجال، وجاء عن النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (لا نكاح إلا بولي) وقد صححه جمع من أهل العلم.

وإذا نظرنا إلى المسألة نظرة مصلحية أو مقاصدية، فإن وجود الولي فيه مصلحة كبيرة للمرأة، وإن كان البعض ينظر إلى اشتراط الولي، على أنه هضم لحقوق المرأة ، وأن المرأة لم تنصف ولم ينظر إليها على أنها قد بلغت لدرجة التمام والكمال، ولكن في الحقيقة أن الولي لمصلحة المرأة؛ وأن اشتراط الولي يحفظ حقوقها؛ لأن الرجل هو الذي يحتك بالرجال، ويستطيع أن يقيم الرجال، ويعرف صلاح هذا الرجل، واستقامته وأخلاقه، والمرأة لا تتمكن لكونها لا تحتك بهم.

ووجود الولي يمنع الشبهة عن عقد النكاح؛ لأنه بعدم وجود الولي يلتبس النكاح الصحيح بالزنا المحرم، وأيضا وجود الولي ليختار الأكفأ والأصلح لها من بين الرجال.

ولو أن الولي استخدم الولاية في غير صالح المرأة، فإن الشريعة لم تعط الولي كامل الصلاحية أن يستخدم هذا الحق استخداما تعسفيا، بل أوجبت في حال عضل الولي لابنته أو لأخته، فإن الولاية تنتقل إلى غير الولي من الأولياء، فإذا رفض أبوها أن يزوجها، زوجها أخوها الأكبر، فأن رفض زوجها عمها، فإن رفض جميع أقاربها زوجها القاضي، وذلك لئلا يكون للولي الحق في استخدام الولاية استخداما تعسفيا.

فبعض الأولياء يمنع ابنته من الزواج لأنه يريدها معلمة أو موظفة، حتى يحصل على راتبها، و أحيانا يريد أن يلزمها بالزواج بشخص بعينه؛ لأن له مصلحة هو خاصة مع ذلك الرجل، أو أنه قد حجرها على ابن عمها ، ومن هنا لا يجوز أن يستخدم الولي الولاية لمصلحته الخاصة ، فالولاية جعلت لمصلحة المرأة.

ولو قال شخص أنه يريد أن يتبع المذهب الحنفي، فإذا كان الشخص حنفي المذهب، وهو مقلد للأحناف، ويأخذ بآراء فقها ء الأحناف فلا حرج عليه في ذلك؛ لأنه مقلد في هذا الأمر، لكن لو كان غير حنفي المذهب، وإنما أراد هذه الفتوى لأنها توافق هواه فهذا ما يسميه أهل العلم إتباع الرخص وهو لا يجوز.

والفتاة التي تشعر أن الولي قد عضلها، ولم يؤد الحق الذي أمر الله تعالى به، أو قصر فإن هناك حلول لهذا الأمر، وليس الحل بأن تتزوج بغير ولي، أو تتبنى المذهب الحنفي ، هناك حلول أخرى تحفظ لها حقوقها وتحفظ لها كرامتها، أي واحد من الأولياء ممكن أن يزوجها أو القاضي الشرعي يتولى تزويجها، والمرأة لم يحكم عليها الشارع بأن تبقى عانسا لا تتزوج.